/ في وداع الدّا حسين !..

القائمة الرئيسية

الصفحات



قلم: أحمد بلقمري 
 (26 أغسطس 1926 - 23 ديسمبر 2015)
"لا شيء يجعلك عظيما؛ إلاّ ألما عظيما"، هكذا قال يوما الشّاعر الفرنسي ألفريد دي موسيه (Alfred de Musset)، وهكذا كانت قراءتي بالأمس في وداع المجاهد الرّمز حسين آيت أحمد. وهو يوارى الثرى بقرية آث يحيى بعين الحمام إلى جانب قبر والدته، عاد الدّا حسين -كما يلقّبه أبناء البلدة- أخيرا إلى أرض البدايات. البارحة كانت الجموع تشيّعه إلى مثواه الأخير كبطل أسطوري، كان الدّا حسين رجلا فوق العادة، تخطّى من أجله النّاس كلّ خطوط البروتوكولات الرّسمية ليتوّجوه سيّدا كبيرا، ولو كان ذلك متأخرا بعض الشّيء!.

الأمس، بكاه الجزائريّون بحرقة، لأنّهم طالما رأوا فيه الرّجل المجاهد، الرّمز، الجامع، المسالم، الدّيمقراطي، المناضل، المتصوّف، العالم بشؤون السّياسة والمجتمع. كلّ شيء كان يوحي بعظمة الرّجل، وألمه العميق تجلّى للنّاس في آخر لحظة فوق هذا التراب الوفيّ، فرفعوه إلى أعلى عليّين كما لم يفعلوا مع أيّ أحد من قبل. رحل الدّا حسين، وأمانيه بقي كثير منها مؤجلا، ففي هذا الزّمن العاصف، لم تعد لنا غير ساحات اللاّشعور الجمعي للمقاومة والتظاهر ضدّ أنفسنا الخانعة. بالأمس، رأينا حقيقتنا البائسة، وأحلامنا صارت تتلاشى أمامنا كحبّات رمل تذروها الرّياح في كلّ اتّجاه... البارحة، كان المصاب جللا، والخسارة فادحة، وكان الخروج آخر فرصة لتصديق النّوايا، فالمعذرة، المعذرة يا الدّا الحسين، والوداع يا رجل الثّورة الخالد !.
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع