/ الشّهيد محمّد العربي بن مهيدي رَجَلٌ لا يتكرّر..

القائمة الرئيسية

الصفحات

الشّهيد محمّد العربي بن مهيدي رَجَلٌ لا يتكرّر..

الشّهيد محمّد العربي بن مهيدي رَجَلٌ لا يتكرّر..

الشّهيد محمّد العربي بن مهيدي

هو محمّد العربي بن مهيدي ابن مدينة عين امليلة بأمّ البواقي، شاويّ بربري من أبناء الأوراس الأشم، قائد عسكريّ محنّك ورجلٌ مغوار لم يدرس فنّ تنظيم الجيوش وتنسيق القوى ووضع الخطط العسكريّة في المعارك، ولم يتخرّج من كبريّات الأكاديميّات العسكريّة في العالم، بل درس فنّ الحريّة في صفوف الشّعب الجزائريّ، وتعلّم لغة الكفاح من أجل استرجاع السيادة الوطنية؛ هو القائل لجلاّده العقيد بيجار: " إنّنا سننتصر لأنّنا نمثّل قوّة المستقبل الزّاهر، وأنتم ستنهزمون لأنّكم تريدون وقف عجلة التّاريخ الذّي سيسحقكم.. لأنّكم تريدون التشبّث بماض استعماري متعفّن حكم عليه العصر بالزّوال"[i].


ولد الشّهيد محمّد العربي بن مهيدي سنة 1923 بدوار الكواحبي بناحية عين مليلة، حصل على الشّهادة الإبتدائية من المدرسة الفرنسيّة بمسقط رأسه، ثمّ انتقل مع أفراد عائلته إلى مدينة بسكرة وفيها واصل دراسته في قسم الإعداد للالتحاق بمدرسة قسنطينة في 08 ماي 1945، لكنّه لم يوفّق في مسابقة الدّخول إلى هذه الأخيرة على الرّغم ممّا عرف به الشّهيد من ذكاء وفطنة، وحرص واجتهاد. 
التحق بن مهيدي بفوج كشّافة الرّجاء، وعرّج بعد ذلك على مدرسة التربية والتعليم فتتلمذ على يدي الشّيخين علي مرحوم، ومحمّد العابد الجيلالي.
كان الشّهيد منذ صغره مُؤمنا بالقضية الوطنيّة، عارفا بهدفه، مستغرقا في طلبه؛ انضمّ إلى حزب الشّعب وحركة الانتصار للحرّيات الدّيمقراطيّة فتعلّم كيف يرسم التكتيكات لينجح مشاريعه ويبلغ أهدافه؛ كان مُهتما بتحقيق النّصر وتجنّب الهزيمة، فكلّفه هذا المنطق الاعتقال في عديد المرّات، استنطق وعُذّب سنة 1947 في مراكز الشّرطة فما زاده ذلك إلاّ إيمانا بعدالة القضية، ورسخت في ذهنه فكرةٌ واحدة فقط: "الثّورة/الاستقلال". التحق بن مهيدي باللجنة الثورية للوحدة والعمل في مارس  1954 و أصبح منذ ذلك التّاريخ من بين أهمّ عناصرها وواحدا من أعضاء جماعة الاثنين والعشرين التاريخيّة.
قال بن مهيدي: " ألقوا بالثّورة إلى الشّارع يحتضنها الشّعب" فكان لكلماته وقع السّحر على نفوس النّاس، فسعى أبناء الشّعب إلى الالتحاق بالثّورة والمشاركة فيها. شارك محمّد العربي بن مهيدي في مؤتمر الصّومام أوت 1956، عيّن عضوا في لجنة التنسيق والتّنفيذ وعضوا بالمجلس الوطني للثّورة، ومُنح رتبة عقيد في الجيش. ذأصبح بن مهيدي أول قائد للمنطقة الخامسة (وهران)، وقاد بعد ذلك معركة الجزائر من  1956 إلى نهاية شهر فيفري 1957 أين ألقي عليه القبض من طرف الجنود المظليّين الفرنسيّين الذين اقتادوه إلى الأبيار حيث خضع للاستنطاق وأوقِعَ به شتّى أنواع العذاب والتنكيل الجسدي والنّفسي، ولأنّ بن مهيدي كان مؤمنا بالنّصر حتى النّهاية استطاع أن يذيق جلاّديه معنى الصّمود والمقاومة، ويبعث في قلوبهم الرّعب والفزع كلّما حدّثهم:" لكم الماضي و لنا المستقبل"، هكذا كان الشّهيد يقهر جلاّديه، وهكذا اعترف العقيد بيجار بشجاعة بن مهيدي يوم قال: " إنّ بن مهيدي يعرف كيف يقهر الألم، إنّه مؤمن بالمقاومة إيمانا أعمى"[ii]
استشهد بن مهيدي رحمة الله عليه تحت التعذيب ليلة الثالث إلى الرّابع من مارس 1957، وفاضت روحه الطّاهرة النقيّة إلى بارئها بعدما سطّر صفحات من تاريخ الجزائر مكتوبة بماء الذّهب، ومحفوظة في وجدان كلّ جزائريّ وطنيّ غيور على أرضه وعرضه، ولغته ودينه.
قلم: أحمد بلقمري



[i] محمد الصالح صديق. من الخالدين. ص 92 . دار البعث للطباعة و النشر. قسنطينة. الجزائر

[ii] المرجع نفسه. ص 94

هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

3 تعليقات
إرسال تعليق
  1. تعبير يبكي القلوب تعبير عظيم استطاع أن يزحزح كل ما بداخلي جمييييييل
    حقا جميل

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع