هل هي رياح الحداثة و ما بعدها تأتي على الأنظمة البائدة ؟

نعم إننا نتوقع ثورة في ليبيا ، ليست ثورة الفاتح العظيمة في نظر من قاموا بها بالتأكيد ، ولكن ثورة فاتحة ، ثورة نقية ، طاهرة ونظيفة ، مثلها مثل ثورة الياسمين في تونس ، وثورة النظافة في مصر . القضية سيحسم فيها الوقت ، و الزمن وحده كفيل بتعرية الأوضاع في كل المجتمعات المتجانسة و التعددية و الفسيفسائية .إن المجتمعات المتجانسة نسبيا كانت أولى ضحايا التغيير ، أولى مخلفات رياح الحداثة وما بعدها ، فزمن الجماعة الواحدة المنصهرة اجتماعيا وثقافيا ، المنتمية لمجتمع يحكمه نظام سياسي مركزي مهيمن يتسم بالإجماع و الاتفاق حول القضايا الأساسية قد ولى و انحسر فاسحا الطريق أمام الانتقالات الهامة للجماعة في المجتمع ،الانتقال إلى المعرفة ذات الطابع التقني ( الاتصال عبر الشبكات الاجتماعية عن طريق الانترنيت ) ، الانتقال إلى الدوافع الإنسانية التي تحركها الرغبة و الإرادة ، انتقال الجماعة إلى تأسيس رؤية تاريخية صادقة ، واعية وحقيقية.
إنها لحظة فارقة في تاريخ الشعوب العربية اليوم ، وما علينا إلا السير في ركابها ،علينا الرجوع إلى علوم الإنسان لنقف عند هذه اللحظة ، لنرصد الحدث ، و لنلاحظ التغيير الملموس الذي يمس كل السمات و الملامح ، كل الجغرافيا و التاريخ ، كل التفاعلات الاجتماعية ، كل اللغة و الثقافة ، و الأنظمة العائلية و العشائرية ، و الأنظمة السياسية الفاسدة ، البائسة و العاجزة عن التطور و التغير.
لكي نفهم الخطاب الحداثي المتشكل في وطننا العربي اليوم ، علينا أن لانطلق أحكاما مطلقة على أصحاب الفكر المخالف لنا ، أصحاب الرأي الآخر ، علينا أن نصغي جيدا ، لأننا بصدد تشكل قيم و علاقات ، مؤسسات ، ومظاهر و إنتاجات عقلانية ، تأتي لبناء برامج و نقاشات علنية في الضوء ، تأتي لبناء حياة ديمقراطية بعيدا عن الو لاءات للأشخاص ، و العلاقات الجهوية و الطائفية..
بقلم : أحمد بلقمري/ باحث في القضايا النفسية و التربوية
بقلم : أحمد بلقمري/ باحث في القضايا النفسية و التربوية
تعليقات
إرسال تعليق