/ تكنولوجيا التعليم و مصادر المعرفة

القائمة الرئيسية

الصفحات

تكنولوجيا التعليم و مصادر المعرفة

تكنولوجيا التّعليم و مصادر المعرفة

            يشهد عالم اليوم تطورا مذهلا في تكنولوجيا الإعلام و الاتصال مما أدى إلى تطور المعرفة ،حيث صارت المعرفة العلمية و التكنولوجية تشكل أكثر من ثمانين في المائة من اقتصاديات العالم المتقدم ، وهنا انتقلنا من مفهوم المعرفة البسيط إلى اقتصاد المعرفة ، من اكتساب المعرفة إلى إنتاج و نشر المعرفة ،انتقلنا من المجتمع الطبيعي إلى مجتمع المعرفة و مجتمع التعلم ، حيث يتمتع كل فرد بحقه في المعرفة و التعلم.إننا اليوم أمام ثورة حقيقية في مجال المعلومات ،فالتطور السريع وانتقال المعلومات عبر وسائل التكنولوجيا الجديدة أتاحت للبشر الاتصال عبر قنوات مختلفة ، لكن التنوع و الثراء في المعلومات فرض تحديات كبيرة على المجتمعات الراغبة في الاستفادة من هذه الطفرة ،حيث يتطلب الأمر تنمية وتطوير قدرات الأفراد حتى يستطيعون الوصول إلى المعرفة و النفاذ إليها باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
            إن التطور الحاصل في ميدان تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات فرض طرائق جديدة للتعلم ، و أحدث تطورا في مفهومي التعليم و التعلم التقليديين ، إننا اليوم بصدد مصادر متنوعة للمعرفة ، مصادر حديثة للتعلم ومراكز جديدة للتنمية المهنية و التدريب الفني ، إن المكتبات الرقمية و الإلكترونية ، وحتى المواقع التعليمية الإلكترونية صارت تتيح مجالات أكبر للتعلم.إن عناصر العملية التربوية التقليدية ونقصد هنا بالتحديد دور المعلم تغير من ناقل للمعرفة إلى موجه لطلابه و باحث يكتسب بدوره المعرفة باستمرار و يشارك الآخرين هذه المعرفة ،المعلم اليوم صار مشاركا في المعرفة ، يسعى لإطلاق قدرات طلابه كما يحثهم ويحفزهم على التعلم .إن الكتاب المدرسي الورقي لم يعد المصدر الوحيد للتعليم والتعلم ، لقد صار الكتاب الإلكتروني منافسا له ،كما صارت المحتويات و المضامين المعرفية الرقمية ذات أهمية قصوى في اكتساب المعارف و الاستفادة منها بما يضمن جودة ونوعية للتعليم .
            إننا مجبرون على تطوير مناهجنا التربوية ،إننا ملزمون بوضع سياسات و فلسفات تربوية واضحة تقودنا إلى الاستفادة من مصادر المعرفة بمختلف أنواعها . إنه لا يتأتى ذلك إلا من خلال السعي لامتلاك التكنولوجيا الحديثة و التحكم فيها ، علينا أن نتجه للتوسع الكيفي في التعليم ، ورسم استراتيجيات للتعليم و التعلم تؤدي إلى تنمية التفكير لدى الفرد في إطار دعائم التربية الأربع : التعلم للمعرفة ، التعلم للعمل ، التعلم لنكون و التعلم لنتعايش مع الآخرين ..إن السعي للاستثمار في العقل البشري يعني إطلاق قدرات الفرد و الاهتمام به كمنتج للمعرفة ،وهو ما يؤدي إلى التنمية البشرية المستديمة ،إن هذا الأمر يتطلب سياسة محو للأمية المعلوماتية و تحسين التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة ، بالاستفادة من مختلف النظريات الحديثة المؤطرة لعمليتي التعليم و التعلم كنظرية الذكاءات المتعددة وغيرها من النظريات الهادفة إلى تحقيق الجودة و النوعية الشاملة في التعليم.
            إن النظر إلى هذه القضية الهامة في حياة مجتمعنا ، ونقصد بذلك قضية التعليم الحديث ، يتطلب منا مجهودات ووقتا كبيرين للخروج من دائرة التخلف و تجاوز الأوضاع الراهنة التي لا تؤدي إلى إقامة مجتمع المعرفة .إننا اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالرقي بسياساتنا التربوية في سبيل إقامة المجتمع الحديث و الدولة الحديثة .
بقلم : أحمد بلقمري   باحث في القضايا النفسية و التربوية
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع