/ اللّغة الواحدة .. 2

القائمة الرئيسية

الصفحات

اللّغة الواحدة .. 2
اللّغة هي مرآة الوجه!
في حديثنا عن اللغة الواحدة المشتركة تكلمنا عن الطفولة، وقلنا بأن الإنسان يحن إلى ماضيه الطفولي حيث يشعر بالحرية، حيث كان أكثر قدرة على التعبير، حيث كان يلعب ويمرح، يفكر و يقدر، يمشي ويجري، يسقط وينهض.. كما تكلمنا عن السعادة الكامنة في مرحلة الطفولة، لكن لا ينعم كل الأطفال بهذه الأشياء في صغرهم، حيث يعاني البعض  منهم من كبت أفكارهم و أحلامهم و قدراتهم ومواهبهم، وهنا يشعرون بالمعاناة و القهر والكبت، فيلجأون حين يكبرون لتفريغ هذا الكبت عبر طريقين، أما الطريق الأولى فهي للأسوياء منهم حيث يعبرون عن مكنوناتهم الداخلية بالإبداع الفني أو الأدبي، فتظهر عبقريتهم و ويبدو اختلافهم عن الآخرين، فتراهم يحرزون الانتصار تلو الآخر، وسبحان الله مغير الأحوال تراهم ينتقلون من الضد إلى الضد، فيتحولون من المعاناة في الصغر إلى التفوق في الكبر، من الإهمال و الاستبعاد إلى التقدير و الاحترام، ترى الناس ينظرون إليهم بنظرة الإعجاب بعدما كانوا في طفولتهم منسيين غير ذي حظوة..

أمّا الطريق الثانية فهي طريق غير الأسوياء، وهؤلاء تجدهم ينحرفون بعدما يشعرون برغبة خانقة في الانتقام من أنفسهم ومحيطهم الذي اضطهدهم، فتراهم يتجهون نحو الإجرام و السرقة و غيرها من السلوكيات ضد الاجتماعية، فرغم تمتعهم بقدر كبير من الذكاء و الإبداع إلا أن أناهم الضعيفة تجرهم إلى عدم تقدير ذواتهم، فيشعرون بالنقص و يعادون المجتمع الذي ولدوا فيه، وكأنهم يقولون للمجتمع أنت سبب شقائنا ومعاناتنا، ونضرب هنا مثلا لشاب يعادي والديه ويعقهما لا لسبب سوى لأنه يعتقد بأنهم فرطوا في العناية به و لم يعطوه حقه من الحنان و الاهتمام، و هو أمر قد يكون حقيقيا لكنه ليس مبررا على الإطلاق، لأن الإنسان عليه أن يكون مسؤولا في هذه الحياة و عليه ان يتمتع بالحس الجماعي، فهو في النهاية بشرا وليس ربا يحاسب الناس.. ونأتي هنا لدور المجتمع الذي عليه أن يطور ميكانيزمات الاحتواء و الانتماء و الانتساب، حيث على أفراد المجتمع ككل أن يتكفلوا بأصحاب الطريق الثانية وذلك بتطوير أساليب التربية المجتمعية في كل مجالات الحياة، على المجتمع أن يدفع نحو دعم اللغة الواحدة المشتركة فيجمع المتشابهين و يشجعهم على التواصل، حيث على عالم الراشدين أن يضطلع بالاستثمار في العمل العام التطوعي لإكساب هؤلاء الأفراد مزيدا من النضج الانفعالي و العقلي، وذلك من خلال تعزيز التجارب الإيجابية لديهم في الحياة و وتمكينهم من المساهمة و المشاركة في البناء الاجتماعي بإعطائهم دورا أكثر توافقا مع احتياجاتهم، وبهذا نكون قد استثمرنا في كل الأفراد، لأن كل شخص مهم، فيتطور المستوى المعيشي للمجتمع في مختلف مناحي الحياة، و يتحقق الرخاء و الإنماء..
قلم: أحمد بلقمري
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. موضوع في القمة لا يؤخذ بعين الاعتبار عامة لكن التطرق اليه يلفت انتباه القارئ نحو مشكل حقيقي هو عقدة يعاني منها مجتمعنا كما يعتبر سببا رئيسيا في الانشقاق بين افراد مجتمع ما ليولد ثورة و هيجانا يتسسب في عواقب وحيمة,,, بارك الله فيك

    ردحذف
  2. الأستاذة حفيظة:
    أشكرك على اهتمامك بهذا الموضوع، و أقول لك بأننا في الجزائر لا نزال نعاني من عقد كثيرة، وقد حان الوقت لنتخلص من هذه العقد وذلك بالاتجاه نحو طريق الإبداع لأننا في أمس الحاجة إلى النهضة بهذا البلد الطيب الذي يحتاج كل أبنائه ويحتاجه كل أبنائه. أكرر شكري، ودمت قارئة وفية أيتها المبدعة..

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع