قلم حبر.. هلال بابا نوال
في كلّ رمضان يطلّ علينا هلال بابا نوال مبشّرا بقفّته، زاهيا بفعلته، عازما على توسيع دائرة المستفيدين من الهدايا حتى يحقق بسياسته رقما يُدخله موسوعة غينيس للأرقام القياسيّة، حيث هدفه الكبير: قفّة لكلّ عائلة.. هذا ما وجدت قلمي قد خطّه على قًصاصة صغيرة تحضيرا لموضوع جديد يفاتحني ويحاورني فيه.. بحثت عن القلم فوجدته غارقا بين الكتب، يقرأ القرآن و يصدح بآيه.. قلت له: عمت صباحا يا قلمي المؤمن، كيف أصبحت؟.. قال قلمي النّجيب: بأفضل حال يا سيّدي، ثمّ لا تقل يا مؤمن بل قل يا مسلم، لأنّ مفتاح القلوب بيد خالق البريّة.. أمسكت قلمي باستحياء بعدما اعتذرت منه، وقلت: لقد وجدتك كتبت بعض الكلام على مسودّة، هل هو مشروع موضوع قادم؟.. قال: كنت أودّ الحديث عن ظاهرة البابا نوال في بلادنا، لقد صار هذا الرّجل يحيّرني ويخيّرني ما بين الاعتراف بحبّه للوطن أو ولائه للسيّد فخامته.. إنّه فعلا لغزٌ محيّر هذا الرّجل.. يقول بأنّه حُكم عليه بالإعدام أيّام الثورة، أمّا اليوم فهو يحكم علينا بالحنق و اليأس و المرارة، إنّه رجلٌ زغزغ، زمر، أنا لا أحبّ سلوكاته على كلّ حال و لا أحبّذها.. قلت: صدقت و الله أيّها الصديق، أحيانا أتساءل من أين أتوا به، فأقول في نفسي هذا الرّجل لا يستحي فعلا مما يفعله، لو كنت مكانه لأعرضت عن السياسة و اتّخذت مكانا قصيّا عنها لأنعم بالهدوء و الرّاحة بدل امتطاء كاليش[i] الغزلان و الدّوران و التوهان بحثا عمّن يستحق القفة ممّن لا يستحقها، لقد أسّس هذا الآدميّ لسنّة سيئة هو و أصحابه فعليهم وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، و ليست هذه خطيئته فحسب بل هناك من الخطايا ما ينوء به كاهله.. قال قلمي متحسّرا متذمّرا: إذا غابت الفكرة بزغ الصّنم، هذا الإنسان و أعوانه ومن يسير في فلكه وفلك وليّ نعمته صاحب لقمته كما يحبّ أن يدعّي و يدّعون فَسد و أفسد، زاغ و أزاغ، مال وأمال عن الحقّ.. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا.. قل معي يا أستاذ: اللّهم إنّي صائم..
قلم: أحمد بلقمري
[i] عبارة عامية بمعنى عربة تجرها الغزلان على الميادين
تعليقات
إرسال تعليق