ضابط الاحتياط 11
في الطّريق إلى المعبر..
رسم أحمد بلقمري |
كنا قلقين وفرحين في نفس الوقت، بقينا نحدّث
بعضنا عن المجهول في رحلتنا، أطلقنا العنان لأذهاننا كي تسافر و تسبقنا إلى
المعبر، ومن المعبر إلى مكان الخدمة النهائي، كانت المعلومات التي بحوزتنا شحيحة،
قليلة، لم ترض فضولنا.. كانت رحلتنا الأولى على متن الشاحنات من مدينة بجاية إلى
مدينة القصر، عندما نصل إلى القصر سوف نغير وسيلة النقل لنركب القطار. وصلنا في
حدود السابعة صباحا إلى محطة السكك الحديدية بالقصر، نزلنا من الشاحنات، انتشرنا
عبر فضاء المحطة في انتظار القطار الذي تأخر مجيئه كثيرا.. تناولنا قليلا من
الطعام لأن الجوع بدأ في مطاردة هدوءنا.. ونحن على هته الحال وصل قطارنا، كان
قطارا صغيرا من ثلاث عربات، لم يسمح للمدنيين بالركوب معنا، صعدنا إلى القطار، خلد
البعض إلى النوم، البقيّة راحوا ينثرون قصصهم ومغامراتهم على المسامع، آخرون
تمتعوا بالمناظر الطبيعية الخلابة لمنطقة القصر. كانت منطقة القصر في تصوّري معقل
العروش و المكان الذّي احتضنهم ليخرجوا باتفاقهم الشهير - أرضية القصر-. لا تزال
صور أبناء القبائل و هم يغزون العاصمة في ربيع 2001 راسخة في ذهني، يبدو أنني لا
أزال أحتفظ بالموقف الوسط من ثورتهم، لا معهم و لا ضدّهم، مع الجزائر و إلى الأبد.
رحت أحدّث نفسي بالوجع الوطنيّ في الوقت الذّي امتطت فيه عجوز قبائلية القطار في
غفلة من الحرّاس، رحبنا بها إلى جانبنا، جلست فراحت تسألنا: هل هو الإرهاب؟، أبناء
ال...، قاطعها صديقي: نحن أبناء الشّعب يا الحاجة فليكن دعاؤك لنا بالتوفيق. بدأت
العجوز في التفتيش بين أغراض حقيبتها كما لو كانت تبحث عن شيء ضاع منها، ناولتنا
بيضا مسلوقا و قطعا من الخبز.. كان الجوع قد التهمنا قبل أن نمدّ أيدينا إلى منحة
العجوز، أصرّت الحاجّة على قبولنا للهديّة.. اعتقدت نفسي مجاهدا و أنا أحظى بهذا
النّوع من العطايا، قبل أن نشكر العجوز على صنيعها معنا كان القطار قد توقف لتنزل
العجوز عند المحطة التالية، مكان أشبه بالصحراء وسط جبال القبائل الخضراء، لم نعرف
للمنطقة اسما لكنّنا كنّا نعرف بأننا في مكان ما بالبويرة، نزلنا، بحثنا عن دكّان
لبيع المواد الغذائية، لم نعثر على شيء.. بقينا ننتظر قطارا آخر لم يأت بعد...
... يتبع
تعليقات
إرسال تعليق