ليبيا: صفحات من التاريخ
ليبيا كما و صفها محمّد الشريف الإدريسي في كتابه:
نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
جمع وتقديم: أحمد
بلقمري
خريطة الشريف الإدريسي |
هذا بعض مما جاء في أخبار ليبيا و أهلها عن أبي عبد الله محمد بن محمد بن
عبد الرحمن بن إدريس الشريفي أو الشريف الإدريسي عالم مسلم من أهل البيت( يلقّب ب سطرابون العرب)، أحد كبار الجغرافيين في التاريخ ومؤسس علم الجغرافيا، كما
أنه كتب في التاريخ والأدب والشعر والنبات ودرس الفلسفة والطب والنجوم في قرطبة. هذه الشّهادة تساعد الدّارسين كثيرا في
فهم البنية العميقة لليبيّين على مرّ العصور.. اخترت أن أضع هذه الصفحة التاريخية
بين أيديكم لتتضح صورة مستقبل ليبيا لكم بعد الاضطرابات التي عرفتها البلاد و
انتهت بمقتل الرئيس القذافي و تسلّم ما يعرفون بالثّوّار مقاليد الحكم بالقوّة و
بمساعدة من حلف الناتو الذّي له سوابق استدمارية كبيرة على أراضي شمال إفريقيا لا
سيما إنزاله الشهير في الجزائر أيام الإستدمار الفرنسي.. أترككم مع هذا النّص
التاريخي:
"... إن الذي تضمنه هذا الجزء الثالث من الإقليم الثالث من الأرضين
أكثرها خلاء وعامرها قليل وأهلها عرب مفسدة في الأرض مغيرة على من جاورها.
وفيها
من البلاد زويلة ابن الخطاب ومستيح وزالة وأوجلة وبرقة. وعلى ساحل
البحر المحيط قصور جمل يحيط بها التفصيل وفيها من البلاد المشهورة صرت وأجدابية أما وإن كانتا في زماننا هذا
في نهاية ضعف وقلة عامر فقد بقي لهما ومنهما توهم رسم مع حلية اسم والمراكب ترد
عليهما بالأمتعة النافقة فيهما ومنافعهما على قدرهما وها نحن ذاكرون هذه المدن
والأرضين والقصور والبحور واصفون بحالاتها والحول والقوة لله سبحانه. فأما مدينة
برقة فمدينة متوسطة المقدار ليست بكبيرة القطر ولا بصغيرة غير أنها في هذا الوقت
عامرها قليل وأسواقها كاسدة وكانت فيما سلف على غير هذه الصفة وهي أول منبر ينزله
القادم من بلاد مصر إلى القيروان ولها كور عامرة بالعرب وهي في بقعة فسيحة يكون
مسيرها يوماً وكسراً في مثله ويحيط بهذه البقعة جبل وأرضها حمراء خلوقية التراب وثياب
أهلها أبداً حمر وبذلك يعرف أهلها في سائر البلاد المحيط بها والصادر عنها
والوارد إليها كثير في الأحايين لأنها بعيدة عن البلاد المجاورة المقاومة لها في
جميع حالاتها وهي برية بحرية وكان لها من الغلات في سالف الزمان القطن المنسوب إليها
الذي لا يجانسه صنف من أصناف القطن وكان بها وإلى الآن ديار لدباغ الجلود
البقرية والنمور الواصلة إليها من أوجلة وهي الآن يتجهز منها المركب والمسافرون
الواصلون إليها من الإسكندرية وأرض مصر بالصوف والعسل والزيت وتخرج منها التربة
المنسوبة إليها فينتفع بها الناس ويتعالجون ومنه إلى قصر
طلميثة وهو
حصن
جيد عليه سور حجارة عشرة أميال وهو عامر بالناس والمراكب تقصد إليه بالمتاع الحسن من القطن والكتان
ويتجهز منه بالعسل والقطران والسمن في المراكب الواصلة إليه من الإسكندرية وحوله قبائل
رواحة من جهة المغرب ومن طلميثة إلى جهة المشرق قبائل هيب وسنأتي بما اتصل بهذه البلاد والأرضين بعد هذا
إن شاء الله تعالى.
أنجز الجزء الثالث من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله".
أنجز الجزء الثالث من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله".
تعليقات
إرسال تعليق