كاتب ياسين |
ذات الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1989م ، توفي الأديب الجزائري كاتب ياسين عن عمر يناهز الستين في إحدى مستشفيات مدينة" غرنيوبل" الفرنسية.
اليوم و ككل سنة، نسترق الزمن لحظات لنعود إلى تاريخ واحد من أكبر أدباء عصره، رفع راية الكتابة في تيار الأدب الطليعي والإنساني وضفر من كلماته جدائل يلفها الحنين والتّوق إلي الحرية ، فراح يزرع سهوب الجزائر ووديانها بأحلام كبار، ورصد في إبداعاته أحلام البسطاء والمهمشين سواء في رواياته أو مسرحياته ..عرفته الأوساط العربية الأدبية بروايته الرائعة ” نجمة ” التي كتبها وهو في سن الثامنة والعشرين.
ولد كاتب ياسين في يوم السادس من أغسطس عام 1929م لأسرة جزائرية ثقافتها فرنسية ، بأحد أحياء مدينة قسنطينة التي تقع شرقي البلاد، عاش طفولته الأولى يعاني ويكابد ككل الشعب الجزائري البطل من نير الاحتلال ،وحين شب عن الطوق تلقى تعليمه في المدرسة القرآنية وانتقل بعدها إلي المدرسة الفرنسية حتى العام 1948م ، ورأى بعينيه الجزائر وهي تهب وتنتفض ضد الفظائع التي يرتكبها المحتل الغاصب في مدينة سطيف ، فلم يجد سبيلاً سوى الانخراط في صفوف الشبيبة الجزائرية وهو في سن السادسة عشرة ، فتم سجنه عقب مشاركته في المظاهرات التي وقعت في العام 1945 ، ومن وراء قضبان السجن تفتق ذهنه مبكراً فتوهج إبداعه وانبثق من روحه الوثابة ديوانه الشعري الأول ” مناجاة” ، بعدها قرار أن يسخر قلمه لمناهضة الاحتلال وللدفاع عن ثرى الوطن . كتب أعماله باللغة الفرنسية ، لكنه لم ينس يوماً عروبته ، وكتب بالفرنسية سعياً وراء هدف ، فقد شكل كاتب ياسين أكبر حائط صد أمام ” فرنسة الجزائر” ، كانت أوردته مشحونة بطاقات وطنية هائلة ، ويمتلك من الشجاعة قدراً لا يكف عن التوهج في شرايينه ..
الأعمال المسرحية لكاتب ياسين تتميز بمبدأ المعارضة
تميزت الأعمال المسرحية التي أنجزها الأديب الراحل كاتب ياسين كلها بمبدأ المعارضة" الذي كان "خطا مسيرا" لهذه الأعمال.تعتبر ثلاثية كاتب ياسين، " دائرة الانتقام" (لو سيركل دي روبريزاي) "تمثل أحسن مثال لهذه المعارضة" وذلك "من خلال الرسالة التي تحملها" مسرحياتها الثلاثة و هي "الجثة المطوقة" المستلهمة من أحداث 8 ماي 1945 و "غبرة الذكاء" المتمحورة حول العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية و"القدماء يضاعفون من ضراوتهم" التي تتحدث لأول مرة عن مملكة نوميديا من خلال فرسانها. كما تتجسد هذه المعارضة في اللغة نفسها التي استعملها ياسين في مسرحياته بالرغم من كونه كان يكتب بالفرنسية حيث كان التعبير في مسرحياته باللهجة العربية الجزائرية التي كانت لغة الشعب.
كاتب ياسين..الثوري المتمرد
و قد أكد الأستاذ أحمد بلقمري المختص في الدراسات النفسية للأدب في حديث لإذاعة برج يوعريريج، أن كاتب ياسين ثوري متمرد متعدد المواهب فهو أديب وشاعر ومسرحي في الوقت ذاته، صاحب مسرحيات لا يزال يذكرها النقاد، فالأديب اسمه الحقيقي محمد خلوطي وقد اختار لنفسه اسما فيه الكثير من الرمزية ٬ كاتب بمعنى الكاتب ويسين بمعني النبي صاحب الرسالة حيث كان الأديب يشتغل أكثر من غيره على الرمز حيث قام بإدخال تقنية جديدة في كتابه "الأدب الجزائري الحديث" وهي تقنية الاشتغال على الرمز مقدما أسطورة رائعة تمثلت في رواية نجمة التي أثارت اهتمام العديد من المشتغلين على الأدب جعلت له مكانا بين الكتاب الكبار في العالم ، أمثال ألبير كامي ومحمد ديب الجزائري ٬ فكاتب ياسين كان ولا يزال قمة أدبية متميزة ورواية نجمة تعتبر العمل الذي اقترنت باسمه.مواقف لا يتبناها سوى الكبار..
قالت فضيلة كاتب شقيقة الراحل كاتب ياسين، إن والدها أدخله إحدى المدارس الفرنسية، وفي أحد الأيام المصادفة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، لاحظ الأخير غياب زملائه، ورغم تعلق شقيقها بمادة العلوم الطبيعية، التي كان من المقرر إجراء اختبار فيها، إلا أنه أعاد ورقته بيضاء، وكتب عليها ''إن أعياد المسلمين غير معترف بها، فاليوم هو ذكرى المولد النبوي الشريف، لذا سأذهب للاحتفال، لأنني عربي مسلم، ولست فرنسيا''. وأشارت المتحدثة، خلال أشغال الملتقى العلمي الثاني حول حياة وأعمال كاتب ياسين التي انطلقت، أمس، بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو، أن ما قام به ياسين، دفع مسؤولي إدارة المدرسة الفرنسية إلى استدعاء والده، لإبلاغه أن ابنه متمرد و''قليل التربية". المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية/سارة حميدي
قدر الرجال وما يحسنون
ردحذفكم في الورى من أناس غافلين هم
لا يأبهون بحال تلك حالهم
موتى ضمير وحس تلك شيمتهم
طيش وفحش من الأفواه عندهم
إن حاوروك أبانوا ضعف قدرتهم
لا يفقهون حديثا ذاك بأسهم
لا تسألوني عن الأخلاق إنهم
لا يعرفون لقد جنت عقولهم
بئس الشباب وبئس الفعل فعلهم
يا سائلي إنهم هم ورجس هم
استهتروا عبثا ذهرا وكلهم
موتى البصيرة لا إحساس عندهم
أعداء علم وأخلاق وهمهم
تأشيرة لعجوز القرن غايتهم
خير النساء نساء ما ولدناهم
مرحى بعقم فذاك العقم خيرهم
زلاتهم كثرت حتى الزبى بلغت
يا رب بارك لنا فيهم بل ارحمهم
إنا لنرجوك أنت الله فأهدهم
حتى يكونوا وفعل الخير همهم
قدر الرجال لما هم يحسنون هم
إن شئت كن مثلهم قدرا بدنياهم
والعلم تحيا به ما عشت بينهم
يا ناشئا فز به واكفر بجهلهم
عز الحياة علوم ريحها بلسم
والكافرون بها فاحت لظى بهم
إن البسيط جميل عنده حلم
أوزرت قافلتي قصرا بساحهم
صبرا وصبرا على البلوى فبلواهم
بلوى ولا تحسب البلوى كبلواهم
*بليمور(عاصمة الأماسي ) 06/08/2011 الساعة 00ساو48د