/ يَحدُثُ عِندنَا !..

القائمة الرئيسية

الصفحات


يَحدُثُ عِندنَا !..
لوحة حيرة و خوف للفنان سمير بن سالم
         قال الأديب العربي الكبير نجيب محفوظ (الحائز على جائزة نوبل للسّلام) يوما: » ينبغي أن تكون الكتابة وسيلة محددة الهدف، وأن يكون هدفها الأخير تطوير هذا العالم، والصعود بالإنسان في سلّم الرّقي والتحرّر «، كما قال إيسوس:  » إن ما يميز عظمة أيّ حضارة؛ إنّما هو نتاجها الفكري. كما قال أيضا:  »  ليست الثقافة مقتصرة فيما نكتب أو نقرأ فحسب؛ بل بما نعي ما نحن من نظامنا الكوني. فليعلم الإنسان ؛ أنّ للحياة عوالم سامية لم تدركها البشرية بعد».

أردت من خلال هذه المقدّمة أن أكشف أهميّة الكتابة و الوعي بها، ضرورة الكتابة و الإنتاج الفكري. من خلال هذه المقولات نقف عند حدود ثقافة الإبداع و قيمة هذه الثقافة لدى كلّ مجتمع يروم الرّقي و التطوّر، هذا الإبداع يجب أن يكون لديه هدف سامي هو تحرير الإنسان و تطويره، تحرير العقل الإنساني و تحديثه باستمرار حتى يستطيع أن يستوعب كلّ ما يحيط به من تحوّلات و تغيّرات، فيكتسب المعرفة اللاّزمة للتفاعل و التأثير. إنّ فعل الكتابة لا يعدو أن يكون حلما متطوّرا، تنشأ الكتابة في أحلامنا أوّلا، الكتابة تعني التّعبير عن أحلامنا و اللّغة تساعدنا على تقييد هذه الأحلام العائمة في ساحات اللاّوعي(شعبٌ لا يحلم، شعبٌ لا مستقبل له).
        الحديث سيطول بنا لو حاولنا مسك هذه الظّاهرة و إحالتها إلى حروف مصوِّرة و مُنسّقة تشكّل و تحمل معنى ما، و هو ما ليس موضوعنا اليوم. أريد أن نتحدّث عمّا يحدث عندنا في عالم الكتابة، هناك ظاهرة جديرة بالدّراسة فعلا. نريدُ الحديث عمّا يحدث بالضّبط  لدينا من مفارقات عجيبة تجعل كلّ من يدخل عالم الثقافة ( الكتابة على وجه أدقّ) يصاب بالصّدمة. هناك مقاومة كبيرة جدّا لفعل الكتابة هي أشبه ما يكون بطريقة من التّكيف جدّ بدائيّة لدى الخاصّة( الأدباء، المثقفون...) كما لدى العامّة، هناك إعاقة لاواعية لكلّ ما هو جديد. بالنّسبة لنا كلّ ما هو جديد ليس بجيّد على الإطلاق، إنّها حالة من رفض الواقع و نكرانه. كلّما ظهر عملٌ جيّد أو أديب جيّد أو حتّى عمل جديد و أديب جديدٌ تتكالب عليه الألسن و الأقلام لردّه عمّا جاء به، لثنيه عن المبادرة و الإبداع، لمقاومته، للضّغط عليه حتّى ينسحب من السّاحة مثلما جاء أوّل مرّة. كأننا ندفع نحو قتل الطّاقات المحرّرة في مهدها، كأنّنا نتعمّد ذلك للحفاظ على المكاسب. إنّ هذه الثقافة المكتسبة لا تساعد أبدا على الإبداع، لا تعطي فرصة للتطوّر و النّمو، تساهم في رفع درجة الكبت الذّي قد ينزع نحو التّدمير الذاتي.
        في الختام، أودّ فقط أن أذكّر بضرورة البحث عن إجابة لسؤال عميق: من نحن، و ماذا نريد؟، إذا ما استطعنا الإجابة على هذا السؤال نكون قد تخلّصنا من أنانيتنا و قطعنا شوطا كبيرا نحو التّقدّم، وحقّقنا قفزة نوعيّة بعيدا عن المواقف المُعارِضة من أجل المُعارَضة (عندما أكتب عن قضيّة سياسيّة و أنتقد موقفا سياسيّا هذا لا يعني أنّني لست وطنيّا، أو خائنا.. أنا أقوم بواجبي كمثقّف و أعبّر عن رأيي بكلّ حريّة، و يجب على الآخرين تقبّل وجهة نظري كما هي مثلما يطالبونني بتقبّل و جهات نظرهم)، و عندها فقط سيكون بوسعنا فهم حقائق عديدة أهمّها على الإطلاق: « أنا أحلم، أنا أعبّر؛ أنا موجود. »، كما سيكون بمقدورنا تقبّل الآخر بوجهات نظره المختلفة عن وجهات نظرنا، عندها سنعرف كيف نصغي و نفهم و نعمل من أجل ضمان المستقبل.
قلم: أحمد بلقمري
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. حين نتخلص من حب الذات ومن الانا التي تحارب الانت سيرتقي الفكر وتزدهر الكتابة ..وحين نؤمن بالراي والراي الاخر وان لا احد منهما يفكر بلا وطنية الاخر حينها فقط سنكون خطونا اول خطوة في التغيير والوعي والادراك ..و وضع الامور في نصابها سيساعدوننا على التخطي للخطوة القادمة .. حين تغيب الثقافة الفكرية عن الساحة فلا تتامل ان ينمو الابداع ويتطور وان يتحرر الانسان من انانيته المتسلطة على كل شيء
    موضوع جميل وهو ان دل فهو يدل على وعي صاحبه وادراكه للامور جيدا وهذا ما يسعدنا حين نرى شبابنا يتمتع بهذا الحس الفكري والوعي الكبير من هنا نستخلص ان مستقبل البلاد بخير ..تحياتي

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع