/ مُحمّد الذّي أحبّه (صلّى الله عليه و سلّم).. 1

القائمة الرئيسية

الصفحات

مُحمّد الذّي أحبّه (صلّى الله عليه و سلّم).. 1


مُحمّد الذّي أحبّه (صلّى الله عليه و سلّم).. 1
نرجو رحمتك بلسان الذّنب: الله عزّ وجلّ..
يا رسُول الله ..
حياتك رحمة للعالمين تسري في قلوبنا، نراك بقلوبنا..
في السّنة الأولى من عمرك: أنت في عشيرة بني سعد.. رفضتك المرضعات، من أجل ذلك غضبت غيوم السّماء، ضنّت الغيوم حتّى عن قطرة غيث، ساد القحط أرض بني سعد، غيمة صغيرة في كبد السّماء مفتونة بك، تظلّلك أبدا.. اجتمع النّاس للتّضرّع طلبا للغيث.. ضمتك السيّدة حليمة إلى حضنها، بوجهها تردّ عنك الشّمس، إلى أنّ الغيمة الصّغيرة التي في السّماء بك مفتونة، لا تنفك تلازمك.. كنت في أحضان الرّاهب و هو يتبتّل، ينظر إلى جمال عينيك، نسي الرّاهب القحط و المطر و الدّعاء، لكنّك لم تنس، سُحرت الغيمة البيضاء بجمال عينيك، أرواحنا فداء لهذه العيون الناظرة إلى السّماء، سُحرت الغيمة الصّغيرة بنظراتك، فأخذت تكبر و تكبر، و بدأت قطرات المطر تهطل برقّة، و لكنّ اكثر النّاس لا يعلمون سبب الغيث، أغلبهم لا يعرف من أنت..
في السّنة السّادسة من عمرك: وفي طريقك إلى المدينة المنوّرة، بصحبة أمّك و أمّ أيمن، شعرت باليتم عند قبر أبيك، و في الأبواء كنت على موعد مع فقد أمّك، تدخل مكّة يتيم الأمّ فازداد حبّ عبد المطلّب لك، و ازداد حبّ أبي طالب لك..
يا رسول اللّه، هل كان ينادي أطفال مكّة على أمّهاتهم بجانبك؟، هل كنت تنظر إلى الأرض حين كانوا يصيحون يا أمّي؟، كم ليلة حملت رياح مكّة دموع عينيك إلى الأبواء؟، كم ليلة صحت باكيّا أمّي أمّي؟..
يا سيّدي؛ من أجلك نحن عنك ننادي أمّهاتنا يا أمّي، من أجلك نحن ننادي آبائنا يا أبي..
       في الخامسة و العشرين من عمرك: أنت مختلف عن سائر البشر، لا يرقى إليك أحد، رائحتك الزّكية تبعث بالرّحمة، صوتك يبعث بالأمان، أنت محمّد الأمين..
       في الثالثة و الثلاثين من عمرك: تتدفّق الرّحمات كالأمواج..
في الخامسة و الثلاثين من عمرك: تعال لا تتأخر يا حبيب، تطرق الأنّات أبواب السّماء.. تعال لا تتأخر يا حبيب، ضاقت الصّدور من طول انتظار قدوم الرّسول.. تعال لا تتأخر يا حبيب، أنت مدعو إلى جبل النّور، في الأربعين من عمرك، و أنت في غار حراء على جبل النّور، يتنزّل جبريل من السّماء، كلّ ذرّات الوجود ترفع الصّلاة و السّلام عليك، قلوب الكائنات تئن شوقا إليك، أنت لنا إشراق الصّباح في ظلمات اللّيل، أنت نبيّ الله، أنت حبيب الله، أنت رسول الله..
لماذا أحزنوك أيّها العظيم؟، لماذا عذّبوك؟، هل لأنّ أبا طالب قد مات هاجموك؟، هل لأنّه لم يبق من يحميك هاجموك؟، كأنّنا نرى عبرتك عند الكعبة، و أنت تقول سرعان ما شعرت بالوحدة لفقدك " يا عمّاه".. نذكر صلاتك في الحرم، و هم يضعون القاذورات فوق رأسك، رؤوسنا فداء رأسك يا رسول الله، كيف كان المحرومون ينظرون و يضحكون.. من الذّي يجري نحوك في شوارع مكّة؟، من الذّي يجري و كأن العرش نزل من السّماء؟، من الذّي يجري؟، يتساءلون.. من هذا؟، أحدهم يجيب: إنّها فاطمة الزّهراء بنت محمّد، أمّ الصّالحين، تمسح بنتك الأثيرة لديك عن عينيك و وجهك الكريم، هي أشبه الخلق بك، كأنّها أنت إن ضحكت و إن بكت، كأنّنا نراك تقول لها لا تبكي بنيّتي، لماذا أخرجوك من أرضك؟، هل لأنّك بقيت وحيدا، ألم يعرفوا من الذّي يحميك؟، من وجدك يتيما فآواك؟، من أرسلك رحمة للعالمين؟.. قالوا عنك مجنون و لم تجبهم، قالوا أنت مجنون، أنت شاعر، و لكنّك لم تجبهم، قالوا من سينقذك و يحميك منّا؟، أنت، أنت تقول: " الله عزّ و جلّ".
يحفّ السّماء بالخشية، أنت تقول: " الله" و العرش الأعلى يهتزّ، كنت تقول الله في بدر فأنزل إليك ثلاثة آلاف ملك بخيولهم، معك مئة و خمسة و عشرون ألف صحابي يقولون: بأبي و أمّي أنت يا رسول الله..
يا رسول الله، تمشي في شوارع المدينة المنوّرة، عندما رأتك بنات قبيلة بني النّجار الصّغيرات لم يدرين ماذا يفعلن من الفرح، سألتهنّ: " هل تحببنني؟؟"، فأجبن: "نعم نحبّك يا حبيب الله"، و أنت أجبت: " يعلم الله أننّي أيضا أحبّكنّ".. الكثير من الشّباب في هذا الزّمان، ليسوا من بنات بني النّجار، لكنّهم أيضا يحبّونك، دموعهم تشهد أنّهم يحبّونك أكثر من أنفسهم، لا أحد لهم سواك، و الله يعلم أنّك أنت أيضا تحبّهم..
في الستّين من العمر: تدعو و تقول" الرّفيق الأعلى" ، و تلبس جبّة من الصّوف صنعت لك، أطرافها بيضاء، لبستها و خرجت أمام أصحابك، و ضربت بيديك على ركبتيك، و قلت: " أترون كم هي جميلة؟"، ناداك في مجلسك أحدهم، أعطني إيّاها، فداك أبي و أمّي يا رسول الله، لماذا طلبها منك و هو يعلم أنّها تعجبك؟، و يعلم يقينا أنّك لن تقول لا فأعطيته إيّاها، و رجعت لبست جبّتك المرقّعة.. بقي أسبوع على لقاء الحبيب، صنعوا لك الجبّة نفسها مرّات عديدة، لكن لم يقدّر لك أن تلبسها، أرسلت الخبر على لسان أبي هريرة، أنّه سيأتي أناس من بعدي يقولون... وددنا لو أنّنا رأينا نبيّنا و لو بأموالنا و أولادنا، حدّثت أنس بشوقك لإخوانك، قلت:" إنّي أشتاق لإخواني يؤمنون بي و لم يروني"..
يا حبيبي تنادي من فوق منبر المدينة " أمّتي، أمّتي"، و أنت ترتدي ثوب الحزن.. يا من دعا الله للنّاس من محراب مكّة؛ بلطف الله علينا بك، جثونا على ركبنا و بايعناك، آمنّا بما أتيت من عند ربّك، سمعنا و أطعنا.. يا رسول الله، مازلت في الأربعين من عمرك، و مازلت على رأس أمّتك..  
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع