/ الانتخابات التشريعية في الجزائر بين المشاركة و المقاطعة

القائمة الرئيسية

الصفحات

الانتخابات التشريعية في الجزائر بين المشاركة و المقاطعة


الانتخابات التشريعية في الجزائر بين المشاركة و المقاطعة
قلم: أحمد بلقمري
تسوّق بعض الأحزاب في عزّ الحملة الانتخابية لفكرة غير ديمقراطية على الإطلاق مفادها أنّ من يقاطع الانتخابات يعتبر خائنا للأمّة و الدين و الوطن، فيما يحذّر الرّئيس الجزائري من مغبّة عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، حيث قال في مختلف المناسبات التي ظهر فيها مؤخرا بأنّه يتوجّب على الجزائريّين المشاركة في الانتخابات كما اعتبر أنّ الانتخاب بمثابة الطريق الصحيح لحماية الديمقراطية من أيّ انزلاق، فمتى كانت مقاطعة الانتخابات فعلا غير ديمقراطيّ؟، و هل الديمقراطية تعني عدم احترام آراء الآخرين بهذا الشّكل الذّي يحمل عنفا لفظيا في حقّ أبناء الوطن الواحد. من حقي كمواطن أن أنتخب كما من حقي أن أمتنع عن الإدلاء بصوتي و التعبير عن رأيي، هذا ما أعرفه عن الديمقراطية، كما أعرف أيضا أنّ الدّولة تستمدّ مشروعيتها من إرادة الشّعب الذّي هو مصدر كلّ السّلطات كما جاء في دستور جمهوريتنا، و إذا كان الشّعب يريد أن يقاطع الانتخابات فهذا من حقه، و من واجب النّخب الحاكمة أن تنظر في أسباب المقاطعة، و تبحث الحلول الممكنة لمعالجة هذه الأسباب بما يشجّع المواطنين على ممارسة مواطنتهم الكاملة و غير المنقوصة.
هناك دائرة لعب مرسومة بعناية و يجب علينا أن لا نلعب خارج حدودها، هناك دستور تمّ خرقه في كثير من المرات من طرف التكتّل الحاكم، هناك قانون عضوي منظّم للانتخابات شكّك رجال القانون في دستوريته، و هناك انتخابات تجرى في ظروف استثنائيّة لا تتجاوب كما يجب مع نبض الشّعب و لا تستجيب لتطلّعاته.
إنّه على الرّغم من تطمينات السّلطة الرّامية إلى إنجاح انتخابات تكون نزيهة و ديمقراطيّة، حرّة و شفافة إلاّ أنّ الممارسات الملاحظة هنا و هناك لا تعطي الانطباع بذلك حتّى الآن، و هو ما جعل الشّعب يعزف عن المشاركة و يقرّر عدم حضور التجمّعات الشّعبية للأحزاب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، و الإقبال عليها بالصّورة التي تبشّر بنجاح انتخابات النّفس الأخير و الفرصة المتبقيّة.
الانتخابات لوحدها غير كافية كي يصبح بلد ما ديمقراطياً لأنّ هناك أيضا ثقافة المؤسسات السّياسية و المجتمع المدني، ثقافة الحكم الرّاشد و دولة القانون، ثقافة احترام حقوق الإنسان و مبادئ الديمقراطية كمبدأ فصل السلطات و مبدأ التمثيل و الانتخاب، ومبدأ التداول السّلمي على السّلطة، فأين نحن من كلّ هذا؟.
يجب إيجاد الأجوبة المقنعة و الكافية لهذا السّؤال و أسئلة أخرى قبل الحديث عن الأمنيات و إطلاق التحذيرات. إنّنا في حاجة ملحة إلى نقلة ثقافية نوعيّة تسمح لنا بإحداث التغيير السلمي و الهادئ بحيث تنتقل السّلطة من بين أيدي أصحاب الشّرعية الثورية إلى أصحاب الثقافة الديمقراطية حيث اعتراف كلّ طرف بشرعيّة الطرف الآخر، و أحقيّته في التواجد و التعبير عن أفكاره و آراءه و تصوّراته لبلده في كنف الدّيمقراطية الحقيقية و ليس ديمقراطيّة الشّعارات.
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع