/ ثورة «الشنابط»، هل تشير إلى حقيقة ما؟.*

القائمة الرئيسية

الصفحات

ثورة «الشنابط»، هل تشير إلى حقيقة ما؟.*

ثورة «الشنابط»[1]، هل تشير إلى حقيقة ما؟.*
عندما تفشل أيّ دولة في حلّ المشكلات الأساسية لشعبها فمعنى ذلك أنّ هناك إخفاقا كبيرا يتطلّب إصلاحات واسعة و عميقة، غير أنّ الملاحظ في الجزائر غير ذلك حيث لم تعد الدّولة قادرة على حلّ أبسط المشكلات العارضة إلاّ أنّها تصرّ على نجاعة أسلوب الحكم و فعالية الحلول المتّبعة، هذا ما زاد من قلق المواطنين و أحدث تناميا كبيرا في حجم الكراهية ضدّ صنّاع القرار الحكام من طرف الشّعب الخاضع لضغوطات شديدة حيث انتهاك الحقوق المدنية و السياسية، تقييد الحريّات و غياب فرص الإبداع؛ فكيف يمكن لهذا النظام أن يدافع عن نفسه أمام هذا الغضب الشعبي المتزايد، و أيّ حجج سيقدم يوم يتطوّر الغضب إلى ثورة و يزحف الشّعب نحو قصر المرادية مطالبا بسقوط النظام و استرجاع سيادته باعتباره مصدرا لكل السّلطات؟.

عندما يعتقد أيّ نظام سياسي على وجه الأرض أنّه قادر على تغييب الشّعب و إخضاعه باستخدام العنف و الرّدع و الرّعب، فهو دون شك يصنع الكراهية و يؤسّس للعنف المضاد، هذا ما يحدث تقريبا في الجزائر حيث تتجلّى استبدادية الدّولة من خلال أجهزتها و مؤسساتها كمؤسسة الجيش، الشّرطة، النظام التشريعي(مظهر الحزب الواحد الخادع) و غيرها، و هذا بغرض ضمان السيطرة المطلقة على المواطنين. وعندما يبدأ أعوان الدّولة بالتذمّر و المطالبة بالحقوق مثلما فعل أعوان الحرس البلدي مؤخرا، و حين تتم مواجهة مسيرتهم السلمية بقمع كبير من طرف قوات مكافحة الشغب التابعة لجهاز الشّرطة فهذا يعني أنّ هناك خللا كبيرا و ارتباكا أكبر سيأتي على تنظيمات تراتبية ساعدت إلى وقت ما على حفظ الأوضاع في البلد على نحو معيّن.  إنّها لحظة التفكير في الخلاص على الرّغم من إدراك أصحابها بأنّ النظام الذي يواجهونه لا يزال يتمتّع بوسائل المقاومة و الرّهبة؛ هي قدرة الشّعب على كسر القواعد المتعارف عليها في إدارة الأزمات من طرف النظام الحاكم، و هو ابتكار الحلول الجديدة للمطالبة بالحقوق في إطار السلمية بعيدا عن العنف، إنّه الضغط المستمر القادر على إضعاف مقاومة السّلطة الحاكمة و جرّها إلى تقديم مزيد من التنازلات دون اللّجوء معها إلى أسلوب العنف، لكن يبقى هذا غير كاف لإدارة الصّراع السياسي الذي تصر السلطة على وصف أحد أطرافه بأصحاب المطالب الاجتماعية، و تسعى لإنفاق أموال كبيرة دون حسبان حجم الخسارة لشراء السّلم الاجتماعي على حساب اقتصاد الدولة المنهار.
لم تعد هناك مسافة كبيرة بين الحاكم و المحكوم، لقد صار التغيير قاب قوسين أو أدنى و أضحت المساءلة قريبة جدّا؛ قد لا يسع الوقت النظام الحاكم لترتيب أوراقه و تجسيد إصلاحاته المزعومة، قد تنفجر الأوضاع في أية لحظة، و عندها لن يكون هناك المسئول الذي لا يسأل عما يفعل، عندها سيحاسب الجميع و لا مجال لتقديم الحجج و الأعذار.
*نشر على صفحات مدوّنة أحمد بلقمري، بتاريخ: 13 جويلية 2012




[1] لقب يطلقه الجزائريون على أعوان الحرس البلدي، و هو تنظيم مسلّح تابع لوزارة الداخلية و الجماعات المحلية

هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع