رغم أن جدتي وكرة القدم خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا إلا أنها طلبت مني أن أفسر لها كيفية انهزام فريقنا الوطني أمس مع المغرب و هو نفس الفريق الذي فاز على الفريق المغربي في عنابة..في البداية لم أرد الحديث عن تلك المقابلة المشؤومة إلا أن إصرار جدتي و استفزازها لي دفعاني للكلام معها.. قالت لي جدتي: يا أحمد كيف انهزم رفاق زياني البارحة في مراكش رغم أن الجنرال هو من قادهم في تلك المقابلة؟..قلت لجدتي محاولا التهرب من مناقشتها: لم أتابع تلك المقابلة يا جدتي لأنني كنت مرهقا وكان علي أن أنام باكرا. قالت جدتي: لكنني رأيتك تتفرج مع إخوتك في الصالون.. ابتسمت لجدتي لأنني عرفت أنني ارتكبت خطأ حياتي عندما حاولت التمويه و التهرب من أسئلة الجدة الفطنة، خاصة و أن جدتي تراقب حركاتنا من غرفتها و لا يفوتها شيء نقوم به داخل محيطنا الأسري، لكنني استرجعت أنفاسي و قلت لها: لقد تفرجت على شوط واحد ووحيد وذلك لما كنا منهزمين مع المنتخب المغربي بهدفين لصفر يا جدتي..أردفت جدتي قائلة: لكنك لم تجبني عن سؤالي؟..آه ، نسيت..يبدو أن الجنرال نسي أن يلقن جنوده عدم الاستهانة بالخصم يا جدتي، إن القاعدة العسكرية تقول بأن العدو يكون أقوى منا ثلاث مرات عندما يكون محصنا داخل قواعده، كان على بن شيخة أن لا يستصغر عدوه و أن لا يسند مهمة قيادة الفريق للاعبين صاروا يعتبرون أنفسهم لاعبين مهمين وفوق العادة، لقد صاروا جنرالات هم بدورهم، لذلك كان سهلا عليهم شق عصا الطاعة على الجنرال الأكبر، لقد استهان رفاق زياني بمنافسهم حتى ظنوا أنهم سيتفوقون عليه وفي عقر داره..قالت جدتي: لكنها هزيمة نكراء و ستبقى في التاريخ..قلت لجدتي بعد أن ضقت ذرعا بالحديث عن مقابلة في كرة القدم ليس أكثر و لا أقل: لقد انهزمنا كثيرا من المرات يا جدتي وفي مختلف الميادين و ليس في كرة القدم فحسب، إننا نهزم كل يوم بطريقة مختلفة مع أنفسنا و مع الآخرين لكننا لا نلتفت لهزائمنا و لا نستخلص الدروس من هزائمنا يا جدتي، أما التاريخ فقد سجل علينا كثيرا من النقاط السوداء و ليس خسارة واحدة في مباراة لكرة القدم .. إنني محبط يا جدتي لأن ثقافة الهزيمة في طريقها نحو الرسوخ في أذهاننا و سلوكياتنا، إنني أخشى يوما نستيقظ فيه صباحا فنقول لبعضنا البعض صباح الهزيمة بدل صباح الخير يا جدتي، عندها لن تبقى حالتي النفسية مستقرة عند الإحباط فقط بل ستتطور نحو الجنون..
قلم : أحمد بلقمري
يعطيك الصحة يا بلقمري قلم رائع وقصة رائعة ذات مضمون راقي والله الخسارة لعنة باتت تطاردنا اينما كنا وحيثما وجدنا
ردحذفأخي العزيز جلال
ردحذفشكرا على اهتمامك..
طبعا أحاول أن أكتب عن المواضيع التي صارت تؤرقنا بشكل واضح لكننا نتجاهلها رغم صعوبة ما ينجر عنها من آثار نفسية تتراكم الإثارة لدينا حتى نصاب بالأمراض النفسية بمختلف أنواعها نتيجة الكبت..
يا لهذه الجدة ربي يخليهالك اتمنى ان احضنها حقا
ردحذف