اللّيل يغيّرُ رأيه في الظّلام
...
الشّاعر الجزائري رابح ظريف
شاعر الرّسالة رابح ظريف |
مساءً وقد
غيّر الليل أراءه في الظلامْ
سمعَ النَّاسُ أصواتَهم في الشَّوارعِ
فالْتَحَموا في الزِّحامْ
كأُغنيةٍ لمْ يجدها المُلحِّنُ
أو مثلَ تسبيحة
لم يقلها الإمامْ
وجدَ النَّاسُ أصواتَهم
" لنْ نعودَ إلى الفجرِ
حتَّى نُغيّرَ شكلَ الظّلام"
وفي أوّل الأمرِ، مرَّ على يُتْمِهِم قمرٌ.. فبكى، توقَّفَ حينَ رأى امرأةً في شوارع مصرَ تكلِّمهُ من ثلاثين عاما، تُحَدِّثهمْ عن شتاءٍ سيأتي.. وفي ليلهِ سوفَ ينكسرُ اللَّيلُ. كانت فتاة.. ولو أنَّ ساعدَها كلَّ.. كاهلها كلّ.. كلّت خطاها ولكنّ في شفتيها نداءً قديما. وفي مقلتيها انتظارا قديما / أشارت إليه، وبلّلتِ الليلَ من يتمِهَا فاستحى، ثمَّ أدركَ أنَّه لمْ يكتَمِلْ من ثلاثين عاما.
ولم تتكلّم..
فقد غيّر الليل آراءه في الظلام
وغيّرت امرأة في شوارع مصر
طريقتها في الكلامْ
*******
ومن بعدُ
في شارعِ العتبةْ..
نادلٌ يتحدّثُ في سِرِّه للحمامْ
وحتّى لسينيّةِ الشَّاي
يرفعُ شكواهُ ضدَّ النِّظامْ
وفي ليلة متعبةْ
قامَ من سرّه / ثمّ فتّشَ أحلامَه.
في طفولته ..مرّة نام.. نام قبل ثلاثين عاما، ولم يتهيّأ لشكلِ الصَّباح الجديدِ الذّي سيكونُ عليهْ.. رأى قلبَه في يديهْ.. رأى دمَه في الشَّوارعِ .. عينيه لا تنظران به.. تنظران إليهْ.. ليبصرَه تحتَ أقدامِه.. فاستفاقَ وقد أصبحَ الحلمُ مختلطا بالصباحِ .. اخْتفى الأهلُ من حولِه.. واخْتفى النَّاسُ من حيّه.. وقبل المساء اختفتْ مصرُ من شعبها.. واختفى الشَّعبُ من مصره.
هكذا..
كان في شارعِ العتبةْ
نادلٌ يتحدَّثُ في سرّه للحمامْ
ولكنّه الآنْ
من بعدما غيّر الليلُ آراءه في الظلامْ
سيواصلُ شكواهُ
ليس لسينيَّة الشايْ
بل لسقوطِ النظامْ.
********
أخيرا
وليس يقينا
فتى لا يفرّقُ بين السَّكاكينِ والوردِ في كفِّه
يحسبُ الشُّرطةَ المركزيّةَ
في حيِّه ياسمينا
فتى لم يلد بعدُ
مصر التي في دفاتره رحمٌ
لم يقرّر مبارك بعد ولادته
وليس عليه سوى أنْ يظلَّ جنيناَ
والفتى يتنفّس
بين المشيمةِ والكونِ
مرّت إلى جنبِه نجمة
فتحرّك/ حاول أن يتحرّك، لم يستطع/ باستطاعته أن يحرّكَ إصبَعه ليقومَ ويصبحَ في لحظة كائنا مستقلًّا .. تُرى ما الذي سوفَ يفعلُه بينَ جدرانَ أربعةٍ تدّعي أنها رحم الأمّ منذ ثلاثين عاما.. فلا بدّ أن يتخلّص من نومه ثم يتبع نجمته / أدركَ الآنَ أن بإمكانه أن يغنيَّ/غنَّى فقامَ من الموتِ/ غنّى وأدركَ أنَّ الغناءَ سيرجعُه للمشيمَة.. فانطلَقتْ صرخَةٌ منه:"أمّي.."
فحطَّتْ على كفّه نجمة..
ثمَّ عادتْ الى بيتها في الظلامْ..
ولكنَّها تركَتْ نورَها في يديهِ
فسارَ الفتي في سلامْ
أريد التحرّر من كفني يا بلادي
أريد التحرُّرَ
من جبروتِ النِّظامْ
وسار إلى الليل
حين تأكد من أنَّها الشرطةُ العسكريَّة
لا الياسمينْ
ومن أنّه رجل لا جنين
ولمّا يزل نور نجمته في يديه
وقد غير الليل
آراءه في الظلام.
********
وما بين شيخين يقتسمان العمارةَ منذُ ثلاثينَ عاما
تفرَّق هذا المكانْ
تفرَّقتِ الخطواتُ التي تتعاقبُ نحوَ الكنيسةِ
والخطواتُ التى
تتزاحم وقتَ الأذانْ
وبينهما اختلفَ الناسُ والأصدقاءُ
تباعدتِ الجدرانُ
عن الجدرانْ
ولكنَّهم حينما يرفعون أكفّهمو للصلاةِ
يقولون
:" يا ربِّ رحمتَكَ الواسعةْ
ويا ربِّ إحفظْ لنا مصرنا الرائعةْ"
وتجمعهم ظلمة اللّيل والشمعدانْ
وبعد ثلاثين عاما
تذكر شيخا العمارةِ أنَّهمَا سيموتانْ
سوف يموتانِ مهما تمدَّدَتِ اللَّحظاتُ وغيَّرَ حلمُهما شكلَه في الكنَائسِ أو في المَسَاجدِ/ سوفَ يعودانِ يوما إلى الأرضِ حين يكونان شيئا مهمًّا لديدانها/ فلماذا هما الآنَ غيرُ مهمَّين؟ ألأنهما يشربان معا قهوة الصبح؟؟ أم لأنَّهما هرما في الطريق المؤدي إلى مسجد وكنيسة؟؟ أم لأنهما اختلفا في المساء على من سيسجل أهداف نادي الزمالك؟؟
أم هما أخطئا النيل..؟
كانا يريدانِه أن يقولهما
من سيهرم بعدهما؟.. النيلُ.. أم مصرُه؟؟
ولما استفاقا معا
قرّرا أن يكونا هما النيلَ
ماتا وبينهما جملةٌ واحدَة
"غدا سنكونك يا نيل
حتى سقوط النظام".
سمعَ النَّاسُ أصواتَهم في الشَّوارعِ
فالْتَحَموا في الزِّحامْ
كأُغنيةٍ لمْ يجدها المُلحِّنُ
أو مثلَ تسبيحة
لم يقلها الإمامْ
وجدَ النَّاسُ أصواتَهم
" لنْ نعودَ إلى الفجرِ
حتَّى نُغيّرَ شكلَ الظّلام"
وفي أوّل الأمرِ، مرَّ على يُتْمِهِم قمرٌ.. فبكى، توقَّفَ حينَ رأى امرأةً في شوارع مصرَ تكلِّمهُ من ثلاثين عاما، تُحَدِّثهمْ عن شتاءٍ سيأتي.. وفي ليلهِ سوفَ ينكسرُ اللَّيلُ. كانت فتاة.. ولو أنَّ ساعدَها كلَّ.. كاهلها كلّ.. كلّت خطاها ولكنّ في شفتيها نداءً قديما. وفي مقلتيها انتظارا قديما / أشارت إليه، وبلّلتِ الليلَ من يتمِهَا فاستحى، ثمَّ أدركَ أنَّه لمْ يكتَمِلْ من ثلاثين عاما.
ولم تتكلّم..
فقد غيّر الليل آراءه في الظلام
وغيّرت امرأة في شوارع مصر
طريقتها في الكلامْ
*******
ومن بعدُ
في شارعِ العتبةْ..
نادلٌ يتحدّثُ في سِرِّه للحمامْ
وحتّى لسينيّةِ الشَّاي
يرفعُ شكواهُ ضدَّ النِّظامْ
وفي ليلة متعبةْ
قامَ من سرّه / ثمّ فتّشَ أحلامَه.
في طفولته ..مرّة نام.. نام قبل ثلاثين عاما، ولم يتهيّأ لشكلِ الصَّباح الجديدِ الذّي سيكونُ عليهْ.. رأى قلبَه في يديهْ.. رأى دمَه في الشَّوارعِ .. عينيه لا تنظران به.. تنظران إليهْ.. ليبصرَه تحتَ أقدامِه.. فاستفاقَ وقد أصبحَ الحلمُ مختلطا بالصباحِ .. اخْتفى الأهلُ من حولِه.. واخْتفى النَّاسُ من حيّه.. وقبل المساء اختفتْ مصرُ من شعبها.. واختفى الشَّعبُ من مصره.
هكذا..
كان في شارعِ العتبةْ
نادلٌ يتحدَّثُ في سرّه للحمامْ
ولكنّه الآنْ
من بعدما غيّر الليلُ آراءه في الظلامْ
سيواصلُ شكواهُ
ليس لسينيَّة الشايْ
بل لسقوطِ النظامْ.
********
أخيرا
وليس يقينا
فتى لا يفرّقُ بين السَّكاكينِ والوردِ في كفِّه
يحسبُ الشُّرطةَ المركزيّةَ
في حيِّه ياسمينا
فتى لم يلد بعدُ
مصر التي في دفاتره رحمٌ
لم يقرّر مبارك بعد ولادته
وليس عليه سوى أنْ يظلَّ جنيناَ
والفتى يتنفّس
بين المشيمةِ والكونِ
مرّت إلى جنبِه نجمة
فتحرّك/ حاول أن يتحرّك، لم يستطع/ باستطاعته أن يحرّكَ إصبَعه ليقومَ ويصبحَ في لحظة كائنا مستقلًّا .. تُرى ما الذي سوفَ يفعلُه بينَ جدرانَ أربعةٍ تدّعي أنها رحم الأمّ منذ ثلاثين عاما.. فلا بدّ أن يتخلّص من نومه ثم يتبع نجمته / أدركَ الآنَ أن بإمكانه أن يغنيَّ/غنَّى فقامَ من الموتِ/ غنّى وأدركَ أنَّ الغناءَ سيرجعُه للمشيمَة.. فانطلَقتْ صرخَةٌ منه:"أمّي.."
فحطَّتْ على كفّه نجمة..
ثمَّ عادتْ الى بيتها في الظلامْ..
ولكنَّها تركَتْ نورَها في يديهِ
فسارَ الفتي في سلامْ
أريد التحرّر من كفني يا بلادي
أريد التحرُّرَ
من جبروتِ النِّظامْ
وسار إلى الليل
حين تأكد من أنَّها الشرطةُ العسكريَّة
لا الياسمينْ
ومن أنّه رجل لا جنين
ولمّا يزل نور نجمته في يديه
وقد غير الليل
آراءه في الظلام.
********
وما بين شيخين يقتسمان العمارةَ منذُ ثلاثينَ عاما
تفرَّق هذا المكانْ
تفرَّقتِ الخطواتُ التي تتعاقبُ نحوَ الكنيسةِ
والخطواتُ التى
تتزاحم وقتَ الأذانْ
وبينهما اختلفَ الناسُ والأصدقاءُ
تباعدتِ الجدرانُ
عن الجدرانْ
ولكنَّهم حينما يرفعون أكفّهمو للصلاةِ
يقولون
:" يا ربِّ رحمتَكَ الواسعةْ
ويا ربِّ إحفظْ لنا مصرنا الرائعةْ"
وتجمعهم ظلمة اللّيل والشمعدانْ
وبعد ثلاثين عاما
تذكر شيخا العمارةِ أنَّهمَا سيموتانْ
سوف يموتانِ مهما تمدَّدَتِ اللَّحظاتُ وغيَّرَ حلمُهما شكلَه في الكنَائسِ أو في المَسَاجدِ/ سوفَ يعودانِ يوما إلى الأرضِ حين يكونان شيئا مهمًّا لديدانها/ فلماذا هما الآنَ غيرُ مهمَّين؟ ألأنهما يشربان معا قهوة الصبح؟؟ أم لأنَّهما هرما في الطريق المؤدي إلى مسجد وكنيسة؟؟ أم لأنهما اختلفا في المساء على من سيسجل أهداف نادي الزمالك؟؟
أم هما أخطئا النيل..؟
كانا يريدانِه أن يقولهما
من سيهرم بعدهما؟.. النيلُ.. أم مصرُه؟؟
ولما استفاقا معا
قرّرا أن يكونا هما النيلَ
ماتا وبينهما جملةٌ واحدَة
"غدا سنكونك يا نيل
حتى سقوط النظام".
تعليقات
إرسال تعليق