/ عمر أزراج: قصّة قصيدة 8

القائمة الرئيسية

الصفحات

عمر أزراج: قصّة قصيدة 8

الأفلان كان ينظر للأدباء على انهم مخربشون لا مبدعون

image
بعد انتهاء مؤتمر الأدباء والكتاب العرب ومهرجان الشعر وذلك في عام 1975، عدت إلى منزلي حزينا جدا، وكان الألم يقطعني إلى جزر متناثرة جراء ذلك الاستقبال السيء لشاعر الثورة الجزائرية من طرف بومدين.
  • لقد كان مفدي زكريا من أبناء الثورة التحريرية رمزا كبيرا بغض النظر عن قيمة شعره الفنية المتروكة للزمن وللنقد الجمالي. أتذكر أيام كنا صغار نردد ـ حين كان الجيش الفرنسي يقتل المواطنين العزل ويعيث في البلاد فسادا ويحرق الطبيعة العذراء عن بكرة أبيها ـ قصيدته قسما فتشتعل فينا النخوة ويكبر فينا الكبرياء ونعانق تربة الجزائر المسقية بدماء الشهداء. إن إهانة هذا الرمز بذلك الشكل كان أمرا مستغربا أنها صدرت من زعيم كان رفيق الكفاح والجهاد لمفدي زكريا، ثم استغربت أن يوضع الشاعر في مرتبة متدنية ويقال بأن مدرسا واحدا أفضل من ألف شاعر، علما أن كلاهما يمثل ملح الوطن ومستقبله الحضاري. في تلك الأيام بالضبط انغمست في قراءة كتاب الكاتب الفرنسي الكبير جورج ديهاميل المولود في باريس وعضو الأكاديمية الفرنسية الذي عنوانه دفاع عن الأدب. يقول ديهاميل: "إذا وضع الشاعر تحت الوصاية وأرغم على صغار الأعمال وطرح بين صغار الموظفين، شقي بذلك الجميع. وإذا حرمت الروح من رسلها وأسلحتها، وانحصرت في تلك المهام الحقيرة ـ وقد خمدت يقظتها وتخلت عن الكفاح ـ أوشكت جماهير الناس أن تترك بغير قيادة بين أيدي ذوي المطامع المغرية وأوشكت الهيئة الاجتماعية أن ترتد إلى الهمجية الأولى"، ثم توقفت مليا عند هذه الجملة المهمة في كتاب ديهاميل: "يلوح لي أن الظرف مناسب لنطلب من الدولة أن تحمي الكاتب أيضا من الدولة"، وذلك لأن: "الدفاع عن الكاتب في هذا العصر المضطرب دفاع عن الثقافة، أي دفاع عن قضية الإنسان".
  • مرة قال أحدهم: "إن البلد الذي ليس فيه أدباء عظام لا يمكن أن يكون فيه إلا سياسيون صغار". إن معاملة حزب جبهة التحرير الوطني للأدباء والكتاب تميزت بالغلاظة والتهميش ماديا وأدبيا، إذ ينظر إليهم كمجرد مخربشين وليس كصناع الجمال والسمو الروحي والقوة الناعمة التي بدونها لا معنى لهوية الوطن. فالدول يقاس نفوذها المعنوي بثروتها العقلية المتجسدة كما يقول ديهاميل في الأعمال الفنية والمسرحيات والكتب العلمية والأدبية والفلسفية وغيرها من عناصر الثروة. إن ظاهرة تهميش الفن والأدب والثقافة بصفة عامة متوغلة في السلوك السياسي ببلداننا. فمالك حداد الذي كان أمينا عاما في ذلك الوقت كان يعيش في الهامش، وقد اكتشف بعد وفاته لم يكن مرسما في عمله، حيث لم تكن له حقوقه. عندئذ تدخل الدكتور أحمد طالب إبراهيمي وزير الثقافة إذ ذاك ورسمه بالأثر الرجعي بعد أن دفن هذا الشاعر، والروائي العالمي بحق والذي لم يكرم في حياته، علما أنه قد لعب دورا كبيرا في تشييد الثقافة الوطنية. أليس هو القائل: "إن اللغة الفرنسية منفاي". أليس من حقنا أن نقول أيضا بأن الإدارة الجزائرية كانت منفاه؟
  • من باب النقد الذاتي، أقول بأننا في الأمانة التنفيذية للكتاب الجزائريين من عام 1981 إلى عام 1985 قد همشنا بوعي أو بدون وعي الروائي الجزائري الكبير محمد ديب، صاحب الثلاثية الرائعة التي مهدت فنيا ونفسيا لحركة التحرر الوطني. فهو لم يدع من طرف هذا الاتحاد ليساهم بأفكاره وتجاربه الغنية من أجل بناء هرم الثقافة الجزائرية الطليعية. لقد مات هذا الرجل العظيم في غربته بفرنسا وحيدا. في يوم من الأيام جلست مع السيد حمراوي حبيب شوقي عندما تولى وزارة الثقافة والإعلام وأخبرني بأنه زار محمد ديب بباريس وأسرّ لي بأنه كان يسكن في منزل منحته له البلدية، مما يعني أن ديب كان مرمى في حي لا يرق بمستواه كأديب ثوري كبير، لقد شعرت بجمرات الحرقة عندما علمت بوضع محمد ديب. لقد كان كاتب ياسين معزولا أيضا رغم أن وزير العمل إذ ذاك قد تصدق عليه بمقر ليمارس فيه نشاطه المسرحي. كان ينظر لكاتب ياسين مبدع رواية نجمة على انه متفرنس وبسبب ذلك سلط عليه التهميش، كما أعتبر شيوعيا يجب وضعه في ركن مظلم. إن القائمة طويلة ويمكن أن نذكر حصريا الدكتور محمد أركون الناقد والمفكر الذي غيب عن الحركة الثقافية والفكرية الجزائرية رغم تلك الدعوات اليتيمة التي حظي بها لمدة قصيرة من طرف مولود قاسم وزيرا للشؤون الدينية ومسؤولا على تنظيم الملتقيات الإسلامية في الجزائر. في إحدى لقاءاتي بالدكتور أركون، قال لي بأن بلاده قد همشته جراء نقده الواضح والشجاع لإيديولوجية الكفاح التي تحولت بعد الاستقلال إلى دكتاتورية وانحرفت بذلك عن مبادئ نوفمبر. إن خلاف أركون مع النظام الجزائري لخصه فيما يلي: "لقد أرادت السلطة الجزائرية الجديدة أن تعتمد في آن معا على تأكيد انتمائها الحماسي البالغ للعالم العربي (أو للعروبية)، ثم التأكيد بشكل لا يقل قوة على انتمائها للإيديولوجيا الإسلامية (أكثر بكثير من انتمائها للإسلام).
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. درّة
    الإهداء :إلى روح العلامة ،الخطيب المصقاع ،،عميد الفصحى "محمد البشير الإبراهيمي " رحمة الله عليه

    باسم الإله العظيم أبدأ القرض
    ثم الصلاة على الهادي إلى الأبد

    والحمد لله أن فزنا; بأمثالها
    عشر لواحدة إن شئتم زيدوا

    هذي عمالتنا وبالبشير ازدهت
    والكل جذلان فالذكرى هنا عيد

    عيد يضاف إلى أعيادنا هاهنا
    نرسي البناء هنا برج الصناديد

    إنا لننشر في جو من المرح
    أخلاق أسلافنا الغر المحامد

    حسناؤنا ا زينت بالعقد في عرسها
    وبورك العرس والعريس يا سيد

    هذي فعال البرجيين في عيدهم
    بينا كأني بالبشير موجود


    هذي قلوب بني الولاية البكر
    تدغدغ الذكرى والفعل محمود

    وكل شبر بدار البرج مبتهج
    وكل قول وفعل ها هنا جود

    جود على مر الزمان بالبرج
    يسري ،يجول من المهد إلى اللحد

    ذكر أخي وأعد إحياء ذكرانا
    إنا لها جند والكل أنصار

    إني لأرسل ألفاظي معطرة
    أنشودة ومن الألحان أشعار

    قصيدتي يا رفيق الدرب أهديها
    في يومك الغر أنغام وأوتار

    إني لأرجو بهذا الفعل معذرة
    في يومك الصفح لا ذل ولا عار

    يا صاحب الذكر والذكرى تهانينا
    نزفها ومن الأعماق إقرار

    قد كنت حساننا أيامها أسدا
    ليثا هزبرا على الأعداء من جاروا
    سلاحك العلم والتقوى هما زادك
    والله من فوق سبع في العلا جار

    وأنت المجاهد والشهيد لا ينكر
    نعم الجهاد جهاد فيه إكبار

    قد صرت مصباحنا بعيد إشراقك
    والشمعدان اختفى والليل ينكسر

    نشء على الدرب قد أمضى إلى القدم
    سيرا حثيثا وللعلياء ينتصر

    هي ذي الشبيبة قد تعاظم عودها
    بمدارس البيضاء شع وهيجها

    باديس أنتش بذرها وسقى لها
    فغدت كما النخلات تغدق أكلها

    للفرع أصل ثابت بسمائه
    أوما دريتم فالمساجد ماؤها

    "وبشير "علام العلوم لنشئنا
    غمر الدنى علما فضاء سماؤها

    وسقى لها الإيمان والتقوى معا
    فغدت قلاعا شامخات أنفها
    إن شئت قل :هو كالوقود لضامر
    أو قل :دماء في العروق لعيبها

    هذا كتاب الله يتلى ذكره
    بين الشفاه البيض فاحت ريحها

    هي ذي السعادة في الألى تجتاحنا
    فانعم بما تلقاه من ريحانها

    بان الصباح وأشرقت أنواره
    فتبددت ظلماء بعد طلوعها

    حلقات درس بالعلوم تنيرنا
    وحناجر تشدو بآي جمالها

    هذا "ابن نابي "من سلالتهم أتى
    بنّاء فكر للعقول ينيرها

    كل الألى عملوا فبورك سعيهم
    فغدوا نواميس الحضارة كلها

    وجد الشباب حلاوة بعلومهم
    فغدوا شموعا تنمحي ظلماؤها

    فعلى أياديهم أشد وأنتشي
    عطرا يفوح بطيبها وأريجها
    فتيان حق كالملائك هاهنا
    في ليلة عظمت وبورك قدرها

    للنشء أبلى السابقون بلاءهم
    فغبطتهم وشكوت نفسي حالها

    إني وإن طال الزمان برافض
    أن أجعل الأثقال من أوزارها

    يارب عفوك للعباد جميعهم
    تالله إنك للنفوس رحيمها

    صغت القوافي "درها" بعمودها
    فغدت كما قال الخليل بوزنها

    "دال"و"راء" ف"هاء" أحرف الضاد
    هذي الحروف التي ما زلت أبغيها

    ضادي جمالك أخاذ فأين همو
    من للبلاغة والإفصاح يأويها

    إن عيروك عقيما ذاك جهلهم
    لا ضير ع/الضاد فالقرآن يحميها

    سمّوه شعرا أو كما يحلو لكم
    إني رأيت النفس ضاق فضاؤها
    ضاقت ولما استحكمت حلقاتها
    فرجت لدى "ابن هدوقة" شفاؤها

    آهات إحساسي ووجداني ذهي
    في فاتح الشهر العظيم تمامها

    أتممتها بعد العشاء ووترها
    وتركت للنقاد مشق سطورها

    إني امرؤ يهوى سماع الآخر
    إن كان كالمرآة تطلع غيرها

    جمل البسيط من البحور الكامل
    كملت بكامل وزنها وعروضها


    الاستاذ:ساعد بولعواد

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع