/ جياع العالم فاقوا المليار!!

القائمة الرئيسية

الصفحات

جياع العالم فاقوا المليار!!

جياع العالم فاقوا المليار!!
  العدد: 116التاريخ: 14/11/2011
مليار جائع حول العالم يصارعون الموت بسبب قلّة الغذاء، مليار جائع والرقم مرشّح للارتفاع في عالم الوفرة والتكنولوجيا والتقدّم العلمي، مليار شخص على وجه الأرض لا يتناولون ما يكفيهم ليكونوا أصحّاء، ما يعني أن واحداً من كلّ 7 أشخاص ينام جائعاً، فيما يموت طفل كلّ عدّة ثوان بسبب أمراض تتصل بجوع يعصف بسكان القرن الحادي والعشرين، في الوقت الذي تشير فيه تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن ما يزيد على 3 ملايين حالة وفاة كلّ عام تقع لأطفال ولدوا ناقصي الوزن بسبب جوع الأمهات.
وخلصت دراسة أعدّتها الحكومة البريطانية في العام 2011 حول "مستقبل إنتاج الغذاء" بمشاركة 400 عالم من 35 بلداً واستمرت مدة عامين، إلى أنه من دون إجراء تغييرات جذرية في السنوات العشر القادمة سيضاف الملايين إلى قائمة المليار جائع حالياً، في حين سيدفع تغير المناخ وأنماط الطقس المتقلب بحوالى 24 مليون طفل آخر نحو الجوع بحسب برنامج الأغذية العالمي، كما تؤكد الدراسة الفشل الذريع لبرامج التغذية العالمية في إنقاذ الجياع، خصوصاً أن عدد سكان العالم يزداد بسرعة هائلة فيما تتناقص معدلات إنتاج الأغذية بشكل مستمر.
وفيما تؤكد بعض الدراسات أن جياع العالم فاقوا المليارشخص، يؤكد التقرير العالمي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك الصادر في العام 2010 وإحصائيات منظمة الصحة العالمية بشأن الجوع والفقر في العالم الصادرة في العام الحالي، أن الجوع يتصدّر المركز الأول في القائمة العالمية لأهم 10 مخاطر صحية، وأنه يقتل سنوياً عدداً كبيراً من الأشخاص يفوق عدد الذين يموتون بسبب مجموع أمراض الملاريا والإيدز والسّل. وأفاد تقرير صادر عن البنك الدولي في العام 2011 إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية دفع نحو 44 مليون شخص آخرين نحو الجوع في الفترة ما بين يونيو 2010 وفبراير 2011 عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. كما يسلّط تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم الصادر في العام 2011 الضوء على الآثار المتباينة التي خلّفتها أزمة الغذاء العالمية في الفترة 2006- 2008 على مختلف البلدان وأوقعت أشدّ الضرر بأفقر السكان.
ما هو الجوع؟
إنَّ منظمة الأغذية العالمية "الفاو" تعرّف الجوع بأنه "يمثّل الناس الذين لا يحصلون على غذاء كافٍ، وأن الجياع بصورة مزمنة هم في الحقيقة ناقصو التغذية الذين لا يتناولون ما يكفيهم للحصول على الطاقة التي يحتاجون إليها ليعيشوا حياة نشطة". وتؤكد "الفاو" أن الأطفال ناقصو التغذية لا ينمون بذات السرعة التي ينمو بها الأطفال الأصحاء، ويكون نموّهم العقلي أكثر بطئاً، كما أن الجوع الدائم يُضعف نظام المناعة لديهم ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والالتهابات. كذلك فإن الأمهات اللواتي يعشن في جوع دائم غالباً ما يضعن مواليد ناقصي الوزن وضعفاء البنية. وتشير المنظمة إلى أن ملايين السكان حول العالم لا يتناولون سوى الحد الأدنى يومياً من الغذاء اللازم للبقاء على قيد الحياة، وينامون وهم غير واثقين من توفّر غذاء اليوم التالي، وهو ما يطلق عليه "انعدام الأمن الغذائي".
الجوع الخفيّ
غالبية الجياع في العالم ليسوا على حافة الموت جوعاً، لذلك فإن معاناتهم لا تصنع الخبر، إذ ثمة نوع آخر من الجوع هو "الجوع الخفي" الذي يعاني منه زهاء 2 مليار شخص وله عواقب وخيمة، وهو يعني أن ملايين السكان يعيشون على نظام غذائي محدود للغاية فيتناولون الطعام ذاته يومياً، ونتيجة لذلك لا يحصلون على الفيتامينات والأملاح المعدنية الضرورية للتمتّع بصحة جيدة. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 100 إلى 140 مليون طفل يعانون من نقص فيتامين (أ)، كما يصاب نحو 2 مليون طفل سنوياً بمشاكلات خطيرة في حاسة البصر لديهم. وتشير التقديرات إلى أن نحو 250 ألف الى 500 ألف يصابون بالعمى، ويعدّ نقص اليود مشكلة أخرى خطيرة، إذ يولد نحو 100 ألف طفل سنوياً يعانون من بتلف دائم في الدماغ نتيجة افتقار أمهاتهم إلى اليود قبل الحمل خلاله. عموماً يعاني 5 مليون طفل سنوياً من نقص التغذية المزمن والأنظمة الغذائية المفتقرة إلى الفيتامينات والأملاح المعدنية الأساسية، ويرتبط ثلث حالات وفيات الأطفال دون سن الخامسة في البلدان النامية بنقص التغذية بحسب تقرير صادر عن منظمة اليونيسف.
من هم الجياع؟
بحسب دراسات أجرتها منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، فإن فقراء الريف الذين لا يملكون ما يكفيهم من الغذاء والكهرباء والمياه الصالحة للشرب في المجتمعات النامية هم الأكثر جوعاً، علماً أن أكثر الأشخاص معاناة هم الذين يشاركون بصورة مباشرة في إنتاج الأغذية وغالبيتهم لا يملكون أراضي خاصة بهم ويعملون كعمال مستأجرين، إضافة إلى فقراء المدن القادمين من الأرياف أصلاً، إذ إن المدن تنمو بشكل تصاعدي، وبعد أن كان يسكن زهاء ملياري شخص في المدن في العام 2000سيرتفع عدد ساكني المدن في العام 2030 إلى أكثر من الضعفين، وهذا التوسع سيرفع عدد الفقراء فيها. ومن الجياع أيضاً ثمة ضحايا الكوارث والنزاعات المسلحة.
خارطة الجياع
يعيش أكثر من نصف سكان العالم الجوعى، أي نحو 578 مليون نسمة في القارة الآسيوية وإقليم المحيط الهادئ بحسب إحصاءات أجرتها "الفاو"، وتمثّل قارة أفريقيا فقط ما يزيد على ربع سكان العالم من الجوعى. وعلى الرغم من أن الحكومات والمؤسّسات والأفراد صرفت نحو 4 بليون دولار أميركي لدعم المشاريع الزراعية في أفريقيا بحسب إحصائيات الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وعلى الرغم من توقع زيادة الالتزامات بالتنمية الزراعية في العام 2011، لم يُجمع قسم كبير من هذه الأموال حتى اليوم ولم يُرسل إلى المزارعين الفقراء في أفريقيا.
دانييل نيرينبرج المديرة المساعدة لمشروع "تغذية الكوكب" التابع لمعهد مراقبة العالم (Worldwatch) تقول "إن المجتمع الدولي تجاهل حتى الآن قطاعات كاملة من النظام الغذائي في جهوده لمكافحة الجوع والفقر، وأن الحل لن يأتي بالضرورة من خلال إنتاج مزيد من الغذاء، بل عبر تغيير ما يأكله الأطفال في المدارس، وكيفيّة معالجة الغذاء وتسويقه، وأنواع مشاريع الغذاء التجارية التي نستثمر فيها."
تحالف دولي لمكافحة الجوع
حذّرت منظمة "الفاو" في ختام أعمالها بمناسبة يوم الغذاء العالمي في أكتوبر 2011، من تفاقم أزمة الغذاء في العالم، ودعت أعضاء المجتمع الدولي للتحرك السريع والعمل من أجل الحدّ من آثار أزمة الغذاء العالمي التي تضرب العديد من الدول والمجتمعات الفقيرة. وحذّر مدير عام منظمة "الفاو" جاك ضيوف من "استمرار الوضع الراهن إلى جانب تزايد عدد الولادات في العالم بنسبة 80 مليون نسمة سنوياً ممّا يؤدي إلى وضع غذائي كارثي لا يمكن السيطرة عليه". وأكد "الحاجة إلى 80 مليار دولار من الاستثمار الإضافي سنوياً في الزراعة والأنشطة المرتبطة بها لضمان تدفق الإمدادات الغذائية على صعيد العالم بحلول العام 2050 الذي يتوقّع أن يصل فيه تعداد سكان العالم إلى 9 مليارات نسمة".
وبينما ينشغل المجتمع الدولي بالإعداد لمؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة المقرر عقده في ريو دي جانيرو في يونيو2012، يؤكّد تقرير التنمية البشرية 2011 حول "الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع" أن قضية الاستدامة هي قضية عدالة اجتماعية لأجيال الحاضر والمستقبل على السواء، وأن تحقيق الاستدامة البيئية يتطلّب تقدّماً في تقليص الفوارق في الصحة والتعليم والدخل وفي مجال إنتاج الطاقة وحماية النظم الإيكولوجية.
وكانت القمة العالمية للأغذية قد أصدرت وثيقة "حشد الموارد للحدّ من الجوع" في العام 1996 وجمعت قادة 186 بلداً، محذّرةً من بقاء 843 مليون إنسان جائع في البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية، وأشارت الوثيقة إلى أن ما يزيد على مليار إنسان يعيش حالياً بأقل من دولار واحد في اليوم.
وتعهّد المجتمعون بالعمل الدؤوب لخفض عدد الجياع في العالم إلى النصف خلال فترة أقصاها العام 2015. وفي قمة الألفية التي انعقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في العام 2000 أعاد قادة العالم التأكيد على التزامهم تحقيق أهداف الألفية وتخفيض عدد الجياع إلى النصف. وحثّ المؤتمرون الحكومات ومؤسّسات القطاع الخاص على تمويل الأعمال والمبادرات بصورة مناسبة، ولا سيما تلك التي تقلّل من ظاهرة الجوع من خلال التنمية الريفية والحدّ من ظاهرة الفقر في الريف وتعزيز فرص الحصول على الغذاء بصورة مباشرة من جانب الفئات الأكثر تعرضاً للمخاطر.
بعد خمس سنوات وخلال مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي انعقد في العام 2002، استعرض زعماء العالم التقدّم المحرَز منذ مؤتمر القمة العالمي للأغذية بشأن خفض عدد الجياع في العالم بمقدار النصف بحلول العام 2015. ودعا الإعلان الصادر عنهم إلى تشكيل "التحالف الدولي ضد الجوع" كإطار مشاركةٍ شامل لجميع الجهود الرامية إلى استئصال آفة الجوع. ومنذ الإعلان عن قيام التحالف الجديد في يوم الأغذية العالمي الموافق في 15 أكتوبر 2003، يواصل هذا التشكيل الدولي حشد الإرادة السياسية والإجراءات الملموسة تحقيقاً لتلك الغاية، فهل نصل بعد ثلاث سنوات إلى عالم حصل فيه نصف مليار جائع على كفاف يومه ولا يزال النصف الآخر ينتظر؟

هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع