/ قلم حبر: ماذا يحدث في سورية؟..

القائمة الرئيسية

الصفحات

قلم حبر: ماذا يحدث في سورية؟..

قلم حبر: ماذا يحدث في سورية؟..
قلم حبر..
.. وجدت قلمي منكبّا على قراءة كتاب " حال الأمّة العربيّة: ثنائيّة التفتيت و الاختراق" لمجموعة من الباحثين فسألته: ماذا تفعل يا قلمي الصّديق؟. قال: أريد أن أفهم ما يحدث في سوريّة يا أستاذ على ضوء ما أقرؤه في هذا الكتاب و كتب أخرى، لكنّني لم أفهم شيئا..
قلت: ما الذي لم تفهمه بالضّبط يا قلمي العزيز؟.. قال قلمي الذّي بدا في قمّة الحسرة و الحزن: لم أفهم قصّة الأسد حافظ الذّي كان رئيسا للسّوريّين لأكثر من ثلاثين سنة، و ابنه بشار الذي استلم مقاليد الحكم بعد والده منذ إحدى عشرة سنة !، لم أفهم  كيف استطاع السّوريّون أن يسلّموا أنفسهم لهذين الرّجلين اللذّين استبدا بهم باسم الذّات و الأمّة و القوميّة السّوريّة !، لم أفهم أمرا آخر: كيف لشعب و أمّة ضاربة جذورها في أعماق التّاريخ أن يرضخ لأمثال هؤلاء يعبثون بالتّاريخ و يطمسون الهويّة، و يقزّمون حجم البلد بدعوى الممانعة و مقاومة إسرائيل، و هي الحجّة المردودة عليهم، لم أفهم قتل الأسدين لأبناء سورية البررة إلاّ أن قالوا لا للظلم، لا للاستبداد، نعم للحريّة من قيود الظالم المستبد. لم أفهم و حبّذا لو تساعدني على الفهم يا أستاذ لأنّني فعلا وقفت في منتصف الطّريق حائرا مستغربا ممّا يحدث لحدّ الآن في سوريّة.
في الحقيقة كنت أستمع إلى قلمي بانتباه كبير جدّا لما لمسته لديه من وعي بالمرحلة و حبّ للاستطلاع و الفهم، أردت أن أتّبع منهجا محدّدا في الإجابة عن تساؤلاته، سعيت لإجابته بدقّة و إيجاز، فقلت:
أنت تعلم يا قلمي بأنّ الإنسان هو من يختار العبوديّة أو الحريّة، فإذا ما أراد أن يعيش عبدا اختار العبوديّة و استعبده النّاس، و إذا ما اختار الحريّة سعى لها مصرّا على نيلها مهما كلّفه ذلك من تضحيّات، هذا ما يحدث بالضّبط في سوريّة. ألم يقل أبو القاسم الشّابي الشّاعر التونسيّ الكبير:  
إذا الشّعب يوما أراد الحياة //// فلا بدّ أن يستجيب القدر
و لا بدّ للّيل أن ينجــلـــــي  //// و لا بدّ للقيد أن ينكــسر
السّوريّون بعد أكثر من أربعين سنة من حكم الأسدين قرّروا أن يتحوّلوا إلى الثّورة من أجل الحريّة التّي لم يشعروا بها في ظلّ هذا النّظام البائد الذّي لم يجلب لهم غير الجوع و البؤس و الحرمان، السّوريّون اليوم يسعون إلى إقامة نظام جديد يضمن لهم كرامته و يكون بديلا تنمويا أفضل من سابقه، يريدون أن يحيون بكرامة و عزّة لا أن يقتلوا في الشّوراع و يزجّ بهم في السّجون و المعتقلات السّريّة لمجرّد تعبيرهم عن آرائهم. السّوريّون اليوم تجاوزوا حالة الاغتراب التّي كانوا عليها، و هم يتوقون لتحقيق الحريّة و العدالة و إلغاء الطبقيّة و القضاء على التبعيّة و التخلّف. السّوريّون اليوم انتفضّوا ضدّ سلطويّة النّظام السّائد و عدم قدرته على مواجهة التحدّيات تنتظر المجتمع و الأمّة السّوريّة في عالم يموج بالتّغيّرات و الأحداث. السّوريّون اليوم غاضبون نتيجة القهر التّاريخيّ المتواصل لهم، وسيمتدّ غضبهم ليحرق الرّئيس الأسد و نظامه كما حرق المراحل و اعتلى سدّة الحكم ظلما و تزييفا.. هل فهمت الآن يا قلمي؟... قال قلمي الذّي أدرك معنى الثّورة و الغضب ضدّ الظلم و النّصْب: الآن فهمت يا أستاذ، دعنا ندوّن هذه الكلمات و ننشرها حتّى يفهم غيرنا ما يحدث في سوريّة.
قلم: أحمد بلقمري
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع