/ جدّتي و الميترو..

القائمة الرئيسية

الصفحات

جدّتي و الميترو..
ميترو الجزائر.. قصّة كفاح!!!
... أخيرا دشّن الرّئيس الميترو و لم يكن أحد أسعد من جدّتي بذلك على الرّغم من أنّها لا تعرف كنه الميترو أو شكله.. كان ريبورتاجا واحدا من اليتيمة[i] متحدّثا عن هذا الحدث كافيا ليستغبي عقل جدّتي و يقنعها بقيمة الإنجاز العظيم !!!، و هي التّي عهدتها حكيمة في بعض المواقف.. زرت جدّتي في غرفتها بعدما علمت بمرضها بسبب تناولها للحم أضحية العيد بشكل أرهق معدتها و بعث بها إلى عيادة الطّبيب فوجدتها لا زالت زاهية بالحديث عن إنجاز الميترو كما لو كان مشروعا عملاقا قام عباقرتنا ببناءه على أرض الجزائر..  قالت جدّتي: أين كنت يا أحمد، أردت أن أحدّثك عمّا فعل بو........، قلت: لا تكملي يا جدّتي، فأنا لم آت للحديث عن هذا الموضوع إنّما قصدت أن أعودك و أطمئنّ على صحّتك لأنّني لم أرك قبل العيد. قالت جدّتي التّي غُسِل دماغها: ما بك يا أحمد، ألم تر الميترو؟، إنّه إنجاز عظيم لم أر في حياتي مثله !.
كنت أعلم أنّ جدّتي لم تفهم قصّة الميترو بعد، أخفيت امتعاضي و رحت أحاول تبسيط الأمور كي تفهم ما خفي عنها، قلت: هل تعلمين يا جدّتي بأنّ مشروع ميترو الجزائر هو أغرب مشروع على وجه الأرض حيث يستحقّ أن يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسيّة !.
-        ماذا؟ !!. ( قالت جدّتي ).
-        لا شيء، لا شيء..
( يبدو أنّني أنسى نفسي كثيرا كلّما تحدّثت إلى جدّتي التي تثقفت حديثا فقط !...). هذا الميترو يا جدّتي استنزف ملايير الدّولارات من بيت مال المسلمين، استغرق إنجازه أكثر من ثلاثين سنة، تعاقب على إدارة ملفه أكثر من خمسة رؤساء للجمهوريّة، خمس عشرة رئيسا للحكومة، و العشرات من وزراء النّقل، يبلغ طوله تسعة كيلومترات فقط !!!... سبّب إزعاجا مستمرا لسكّان العاصمة منذ انطلاق إنجازه، ثمّ دشّنه الرّئيس بمناسبة الذّكرى الساّبعة و الأربعين لاندلاع الثّورة، و كثير من النّاس اليوم يتفاخرون بهذا المنجز الذّي يحسبون أنّنا قارعنا أمريكا أو فرنسا به، و هم الذّين يدركون بأنّنا لا نستطيع صنع إبرة خياطة أو علبة أعواد الكبريت. هل تعلمين يا جدّتي بأنّ أوغندا استطاعت تصنيع سيّارة تشتغل بالكهرباء، و الكونغو صنّعت لوحة قيادة أوتوماتيكيّة على درجة كبيرة من التطوّر؟!!.. لا أريدك أن تشغلي بالك بهذه الأمور.. لنعد إلى موضوع يهمّك: هل علمت بأنّ وزارة المجاهدين تعتزم إطلاق حملة جديدة لتسجيل مجاهدين جدد في ثورة التّحرير؟!!.
أطلقت جدّتي زفرة طويلة ثمّ أطرقت وجهها تنظر إليّ.. قلت لها: لست أنا من قتلت بوضياف يا جدّتي، و انطلقت مهرولا نحو الخارج خائفا من أن يصيبني شرر ممّا ستقوله في أصحاب الميترو و الجهاد المزيّف.
قلم: أحمد بلقمري


[i] اليتيمة: كناية عن التلفزيون الجزائري الذّي يملك قناة فضائية واحدة
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع