/ الدّولة المعطّلة

القائمة الرئيسية

الصفحات


الدّولة المعطّلة*
لم يكن أحد من النّاس يعتقد أنّ تغمر رجفة الأرض النّاس بالحريّة في تونس، ثمّ تمرّ رياح التّغيير بليبيا و مصر و اليمن و سوريا و غيرها من البلاد العربيّة التي عرفت أخيرا أنّ الإنسان يحقّ له أن يكون سيّدا في وطنه لا عبدا خاضعا، كما يحقّ له أن يطالب بالعدالة و التنمية و تكافؤ الفرص(المساواة)، كما يحقّ له الحلم بوطن يعيش فيه، وطن تحترم فيه حقوق الإنسان و يعطى فيه الاعتبار للكرامة الإنسانية؛ وطن لا تشعر فيه عقول الأفراد بالعجز و اللاوعي، وطن يسع الجميع دون استعباد أو استبعاد. هكذا إذن ارتجفت الأرض بالرّؤساء، و هدّدت الملوك، و أزّمت رياح التغيير أوضاع الأمراء، و بدت ضرورات التغيير قاهرة و مُلحّة.

لقد آن أوان البناء في الدّول المعطّلة و دقّت ساعة الشّعوب التي اختارت قبلا العبودية و الرّجعيّة حيث المجتمعات سقيمة مهزومة و الأوضاع مأزومة. لم يعد للنّاس الآن الخيرة من أمرهم، و هم على خطوط المواجهة و المجابهة، لا مجال للتردّد و الشّك، و لا فرصة للنّوايا السيّئة؛ هناك فقط المستقبل و الغد المنتظر. لا بدّ أن تدرك الشّعوب العربيّة أنّ وهم المؤامرة و فكر الفزّاعات و التاريخ الغائب و رعب السّنوات الخدّاعات ليست سوى مهازل من أرشيف الدّولة المعطّلة التّي عاشت بالجمود و الخوف من التجديد؛ لا بدّ أن يدرك النّاس أنّ الأمم تبنى بالعلم و الدّيمقراطيّة، بالتسامح و روح الانفتاح، و ليس بالقمع و التخويف و الترهيب. لا بدّ أن يسترجع الإنسان إنسانيته.
يقول بعض الانتهازيّين و السّلطويين من بني الطبقات البرجوازيّة الذين يعتقدون أنّهم يملكون الحقيقة أنّها المؤامرة، كما سيقولون يوم تكسر شوكتهم أنّها الفوضى و اللاّحضارة، سيقولون أنّ زمن ما قبل الثّورة كان أفضل، كان أجمل؛ ستكثر الإدعاءات و الاتّهامات، سيستمرون في الغواية و لعب الأدوار لكنّ النّظر في المرآة لمرّة واحدة سيكشف كلّ الكذب و يرفع اللّبس و يبيّن لقاصري النّظر أنّ الجمود لا تحرّكه سوى الثّورة.               
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع