دُرُوبُ الوهم و المؤامرة ؟!!.
وجهة نظر خاصة في أحداث الثورة على الفيلم المسيء للنّبي محمّد صلّى الله عليه و سلّم
بينما الغرب يواصل مسيرة التقدم و الرقي، ها نحن نقف مذهولين أمام صعود الآخر نتأرجح بين ماض مشرق و حاضر مرتبك و غد غير مأمون !. و الأمّة متفرّقة متوقفة يعتريها الجمود و الخوف من التجديد يصيبنا الغرب في مقتل حين يستفزّنا بالصّورة ضاربا في الصّميم روح معتقدنا، فيسبّ نبيّ الإسلام تارة و يزدري الإسلام ذاته تارة أخرى، و لا نجد كمسلمين حلاّ لهذه المعضلة و المعركة الفكرية بالأساس سوى سلاح الغضب السّعار، الهائج، المائج، المتأجج نلوّح به في وجه أصحاب الخطايا في حقنا؛ نركض خلف وهم التآمر و المؤامرات فنصبح و نمسي متطرّفين في عيون الآخر أكثر مما مضى !.
لماذا يغرق المسلمون في دروب و متاهات الوهم و المؤامرة؟، لماذا يعيش المسلم اليوم على ردّة الفعل، يثور على الآخر قبل ثورته على ذاته، و يثور على ذاته حين يرى وجهه في مرآة عاكسة؟، كأننا نتسابق لنحرق إنجازاتنا الحضارية على مرّ التاريخ، كأننا نصرّ على وأد أنفسنا في عملية انتحار ثقافي!. لماذا نصرّ على تدمير الذّات في الوقت الذّي يجب علينا فيه أن نطوّر منهجا فكريا عقلانيا حديثا يقوم على التسامح و روح الانفتاح بعيدا عن التطرّف و المغالاة في زمن التعقيدات التقنية؟. لقد آن أوان سؤال الهوية الإسلامية، لقد دقت ساعة الحقيقة و زمن استيعاب درجة الفروق و الاختلاف، علينا أن ننظر كيف كانت أوربا يوم كان العرب المسلمون أسياد الأرض بعلمهم و فكرهم و حضارتهم ، و كيف صارت أوربا تنظر إلينا بعد الانحطاط و التشرذم. هل نستطيع الخروج من دائرة التخلف؟، هذا النوع من الأسئلة يجب أن يجد له جوابا قريبا، لأننا مجبرون على التحديث و دون ذلك سنكون مقبلين على الهلاك. علينا أن نتجاوز قصر النظر إلى عمق النظر، علينا الانتقال من الجمود إلى الحركة، و من الخوف إلى الأمن، و من الإيمان المرتبك إلى الإيمان المفضي إلى الاعتقاد بضرورة العِلم و العَمل؛ هناك آفاق مستقبلية و رياح هبوب يجب استغلالها، لأن العرب المسلمين بإمكانهم فعل الكثير لصناعة الحضارة و قيادة العالم من جديد. بعيدا عن الواقعية الجديدة نستطيع العمل على ابتكار حلول فعالة لمشكلتنا الحضارية، نحن لا نريد أن نكون العالم المحتضر و المولود عاجزا في آن واحد، بل نريد نظاما جديدا يحل محل نظام قديم تهالك و اندثر دون رجعة، نظام تقوّيه رغبة الجموع في الغد الواعد و المستقبل المتوازن. علينا يا سادة أن لا نقيّد النبوة المحمديّة بالثّورة العمياء في دروب الوهم و المؤامرة، حريصين في ذلك أشدّ الحرص على سجنها في الماضي لأننا بذلك سنقتل دفقها الرّوحي و إشعاعها الحضاري، فعوض أن نمنحها الحياة الدائمة الخالدة كما نعتقد نسارع إلى وأدها حيّة ترزق.
قلم : أحمد بلقمري
تعليقات
إرسال تعليق