/ الحراك الجنوبي في الجزائر؛ هل هو بداية نهاية النظام الحاكم؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

الحراك الجنوبي في الجزائر؛ هل هو بداية نهاية النظام الحاكم؟

الحراك الجنوبي في الجزائر؛ هل هو بداية نهاية النظام الحاكم؟
" و أنت تستمتع بالنّور؛ لا تترك أخاك غارقا في الظّلام !."
منذ حوالي أربع و عشرين سنة كنّا نعيش وضعا اجتماعيا و اقتصاديا مزريا، هذا الوضع لم يتحسّن كثيرا على الرّغم من استفادة النظام الحاكم من أموال الرّيع النّفطي و إصراره على مواصلة المغامرة السياسية، فإطلاق جملة من الإصلاحات في مختلف القطاعات لم يزد الأمر إلاّ سوءا على اعتبار أنّ هذه الإصلاحات اتّسمت باللاجديّة و اللافعالية، و انتهت كما بدأت "ضحلة". ما الذّي يمكننا أن ننتظره من سلطة مفلسة ميّعت الدّولة و سارت بها في دروب الفساد و التّيه العظيم؟، و هل يجب أن تصادر العُصب الفاسدة و النُخَب القاصرة حقّ الشعب في الخروج من الجحيم إلى الحياة الكريمة؟، و هل يجب أن تستمر الوصاية على أبناء الوطن الكبير(بما فيهم أبناء الجنوب) و اتّهامهم بالعمى و اللاّوعي إذا ما طالبوا بأدنى حقوقهم المشروعة؟.


الحقيقة أنّ هذا الوضع الخاطئ يجب أن يصحّح، و أن يحظى بالعناية اللازمة لتقويمه، و التخلّي عن لغة الخشب المتّجهة صوب تخوين و اتّهام الآخرين بالخداع وإنفاذ مخططات خارجية تريد السّوء بالبلد و مواطنيه. إنّ سياسة الهروب إلى الأمام و عدم النّظر بوعي إلى السياقات التي تصنع نفسانية الأفراد و تؤثث محيطهم الثقافي و الاجتماعي سيقود إلى الكارثة و التصادم العنيف. بعد خمسين سنة من استرجاع السيادة الوطنية في الجزائر ليست هناك نجاحات لامعة بكلّ تأكيد إنّما هناك إنجازات محدودة و متواضعة مقارنة بالإمكانيات المادية و البشرية المتوفّرة؛ هناك كثير من الانحرافات و الإخفاقات التي تغذّيها النزعات الفردانيّة و الديماغوجية المقيتة، وقد حان الوقت لتتغيّر الأوضاع و يسير البلد إلى برّ الأمان.
الرّئيس الجزائري "ساخط" على ما آلت إليه الأوضاع من فساد على مختلف المستويات، لكنّه كصانع للقرار لا يريد لهذا السّخط أن يغيّر وجهته، و لا يريد في نفس الوقت أن يظهر عجزه في تسيير شؤون الدّولة، لذلك فقد اختار سياسة الإخفاء و التعتيم، و تجنّب اتخاذ القرار و الديّماغوجية. الرّئيس يريد أن يستمرّ في إبهار الشّعب بإنجازاته و هو غير القادر في واقع الأمر على إثبات وجوده، و ممارسة صلاحياته كما أرادها ذات يوم في العام تسع و تسعين بعد المائة التاسعة عشر، و كما ناضل من أجل استلابها من خلال التعديلات الدّستورية المختلفة الماضية و الآتية في قادم الأيّام.
الوزير الأوّل الجزائري وصف الحراك الجنوبي، أو الحراك الذّي يقوده أبناء الجنوب بنشاط "الشّرذمة" التيّ تريد الانقلاب على الشّرعية، و التورّط في إنفاذ مخطّطات أجنبيّة تضرّ بالوطن و المواطن على حدّ سواء، و يصرّ على الظّهور بمظهر آخر رجالات الثّقة بالنّسبة للرّئيس الذّي جرّب كلّ الحلول الممكنة و انتهى إلى نفس النتائج "احتضار النّظام الطويل يرجع إلى أخطاء قديمة، كبيرة و قاتلة". سلال يريد ألا يحرجه أحد و أن يحظى بفرصته كاملة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكنّ شباب الجنوب و الشباب الجزائري بصفة عامّة يبدو متلهّفا أكثر من أيّ وقت مضى إلى التّغيير و الدّيمقراطيّة، و الحريّة و العدالة الاجتماعية، خاصّة و أنّه يرى أنّ صنع تغيير هادئ و سلمي في الجزائر يتحدّد فقط برغبة الجموع في ذلك أوّلا، و العمل من أجل إحقاق ذلك بكلّ الوسائل السّلمية ثانيا. 
إنّ استخدام الجيش و الشرطة كمرعبين لن يستمرّ طويلا كحلّ ترقيعيّ، فسياسة الكلّ أمني أبانت عن فشل ذريع في التعامل مع المشكلات المواجهة و التحديّات المنتظرة على المستوى المحلّي و الإقليمي و العالمي؛ وحده الحوار الهادئ و المصارحة و المصالحة مع الشّعب يقود إلى فهم عميق و استجابة حقيقية لكل المطالب دون استثناء، بما في ذلك قيام الدّولة بواجباتها و وفائها بالتزاماتها وفق ما يقرّه العقد الاجتماعي الذّي يجب أن يخضع لمراجعة جذريّة تتوافق و تطلّعات أفراد المجتمع الجزائري الحالمين بغد أفضل، و دولة وطنيّة حديثة، لا يعلو فيها أحد على القانون، و لا يظلم فيها أحد !.
*نشر على صفحات مدوّنة أحمد بلقمري، بتاريخ: 12 مارس 2013
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع