غيابُ الرّئيس، فزعُ المُرِيدين ورحلةُ البّحث عن الحقيقة!
*
في هذا العالم المُرعب للضّعفاء، و ضمن نسق التحوّلات السّياسية و
الاجتماعية و الاقتصادية التّي يشهدها العالم العربي يغيبُ رئيس الجمهوريّة
الجزائريّة الدّيمقراطية الشّعبية عن شعبه، فيفزع المُريدون و يتهيّأ المُعارضون،
و يبحث الانتهازيّون عن ملجأ يضمن لهم استمراريّة الدّور و يؤمّن لهم تسهيل الوضع
الصّعب. و السّؤال الأكبر في كلّ هذا: أين نحن ضمن العالم؟، المقصود هنا هو
الشّعب، فأينك أيّها الشّعب الجزائري ضمن العالم؟، هل بغياب الرّئيس تغيب و تتوقّف
وجوبا أم تدافع عن وجودك و تستمرُّ ضمن العالم؟.
كأنّنا الآن أمام حالة نفسيّة غاية في التّعقيد، إنّه القلق إزاء خطر خارجي
يهدّد الذّات !، ما الذّي ينبغي فعله أمام
حالة الخوف من المجهول، من المستقبل، من الهنا و الآن؟ !!. يبدو الأمر أشبه بمرحلة المرآة و تشكّل
الأنا، إنّها اللّحظة التي يبدو فيها الشّعب في وضع اليائس الباحث عن وحدة الجسد
المجزّأ في المرآة.
يتحدّث صنّاع القرار عن العلاقة التي تربط الشّعب الجزائري برئيسه فيقولون
بأنّها علاقة حبّ و تعلّق، و ما الشّوق إلى الرّئيس في غيابه إلاّ حالة عاطفيّة
نابعة من أثر العلاقة الوالديّة التي تربط الشّعب بالأب المجاهد، الأب القائد؛
الرّئيس الذّي أراد يكون زعيما مطلقا للأمّة مدى الحياة، صوّر نفسه أيضا زعيما فوق
النّقد و الشّبهات، الرّجل الذّي ألبسه أصحابه و مريدوه لباس صاحب الطّريقة قيل
عنه بأنّه الأنسب و العارف و الموهوب و طلق اللّسان و أمير البيان، و من أجل ذلك
تمّ الاتّفاق على الولاء دون قيد أو شرط للفوز بنصيب ممّا تركه أهل الحلّ و العقد
في الحكم. إنّ الأمر أعمق من هذا و الحقيقة أخطر ممّا يقال، هذه العصبة تواصلُ
الكذب على الشّعب و تخفي حقيقة مرض البلد قبل مرض الرّئيس لمواصلة الاستفادة من
الرّيع النّفطي في ظلّ استشراء الفساد، و في ظلّ غياب سلطة رقابية حقيقيّة تقوم
بمهام المحاسبة على أساس مبدأ " فساد.. قف !، من أين لك
هذا؟". إنّه العبث بمصير الأمّة !.
إنّ المرحلة خطيرة و تتطلّب إجابات مقنعة عن حضور الدّولة و وجودها و
قوّتها و قدرتها؛ الجزائر الآن مريضة ليس بمرض رئيسها الحالي أو السّابق و إنّما
بممارسات خاطئة و قاتلة لأصحاب القرار ذوي الثقافة السّياسية لنزعة الدّولة
الاستبداديّة منذ أكثر من خمسين سنة. لقد آن أوان البناء في ظلّ الفرصة
التّاريخيّة التي يريد لنا الانتهازيّون أن نفوّتها لحساب حساباتهم في الدّاخل و
الخارج. كفى من الكلمات المتداولة كالطّلاسم أيّها الفاشلون، للجزائر و شعبها
شخصيّة فريدة و هويّة وطنيّة ضاربة في أعماق التّاريخ فلا تتآمروا عليها باسم
المفاهيم المراوغة للثّقافة و الحقيقة.
*نشر
على صفحات مدوّنة أحمد بلقمري، بتاريخ: 14 ماي 2013
تعليقات
إرسال تعليق