الشّعبُ التونسيّ يعود، و الجزائريّون يتربّصون..
تشابه كبير جدّا حتّى في المقامات! |
بعد نهاية حكم بن علي الهارب، و عودة الاستقرار شيئا فشيئا إلى تونس الخضراء نظّمت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي و ها هي حركة النّهضة ذات التوّجه الإسلامي المعتدل تتربّع على معظم مقاعد المجلس قبيل إعلان النتائج النهائية من طرف اللجنة العليا المستقلة للانتخابات، و ها هي الأحزاب ذات التّوجّه الدّيمقراطي تنكص على أعقابها و لا تقرّ بقواعد اللّعبة الدّيمقراطية وتعترف بأحقيّة النّهضويّين بالفوز حيث راحت تطلق التحذيرات و تغذّي الإشاعات التّي تهدف إلى زعزعة ثقّة الشّارع التونسي بمنتخبيه الجدد، و هو الذّي لم يفق بعد من صدمة سقوط النظام الديكتاتوري السّابق.
إنّ الرّسالة التّي يجب أن نتوقف عندها كملاحظين للتطوّرات الجيوسياسية بمنطقة المغرب العربي لا سيما نحن كجزائريين أنّ الانتفاضة الشّعبية التونسيّة أفرزت رغبة عكس القانون السّابق باتّجاه تبني نظام حكم يستند إلى الشّرعيّة الدّينيّة، و هو ما يؤكد مرّة أخرى أنّ شعوب بلدان الشّمال الإفريقي ما فتئت تثبت في كلّ فرصة مدى تمسّكها بالدّين الإسلامي كمرجع للحكم. إنّ الرّسالة التّي وصلت، و التّي يعرف النظام الجزائري فحواها جيّدا تحتّم عليه فتح قنوات الحوار و التفاوض بكل صدق و مسؤولية مع كلّ الممثّلين الشّرعيّين للقوّة السّياسيّة الأولى في الجزائر و كلّ الحساسيّات دون استثناء أو إقصاء، و نقصد بالقوّة السياسيّة الأولى تلك الأغلبية العازفة عن الانتخاب منذ الانقلاب على الشّرعية الدّيمقراطيّة في بداية التسعينيّات، هذه الأغلبية التي يعتبر الإسلاميّون أكبر خزّان لها إلى جانب الاشتراكيين بدرجة أقل و على رأسهم أنصار حزب القوى الإشتراكيّة...
هناك رسالة و حقيقة أخرى متعلّقة بالحجم الحقيقي للقاعدة الشّعبيّة لبعض الأحزاب الوطنيّة و نقصد تحديدا حزبي الأفلان و الأرندي ( هذه الأحزاب ستندثر في أوّل فرصة بمجرّد وجود جوّ ديمقراطي حقيقي و ستحاكم شعبيّا عن طريق صناديق الانتخاب ) حيث يبدوان بمظهر الحزبين المسيطران على السّاحة السّياسيّة الجزائريّة، لكنّ ذلك غير صحيح تماما لأنّهما حزبين ينتميان للنّظام الحاكم و يسخّران كلّ إمكانيات الدّولة من أجل الفوز بالانتخابات بالطّريقة التيّ يرونها مناسبة، فالأرندي هو حزب ولد من رحم الأفلان و قد أسّس بفترة صلاحيّة معيّنة ستنتهي بنهاية النظام الذّي حكم الجزائر منذ استرجاع السّيادة الوطنيّة، كما يبدو بأنّ فترة صلاحيّة الحزبين قاربت على الانتهاء في ظلّ التذمّر الشّعبي و الاحتجاجات الاجتماعيّة المتواصلة خاصّة إذا ما علمنا بأنّها تحمل شعارات تطالب بالإصلاح السّياسي و القضاء على الفساد، و في ظلّ اجتياح رياح التّغيير لبلدان المنطقة العربيّة التي لن تكون الجزائر بمنأى عنها بكلّ تأكيد نرى بأنّ الشّعب الجزائري هو في مرحلة تربّص ينتظر تغيّر مواقع القوى و الظروف، مواصلا نضاله الهادئ و الدافع نحو إجراء إصلاحات حقيقيّة بعيدا عن الإجراءات التّرقيعيّة التّي تطبّل لها جوقة المصالح في كلّ مكان.
قلم: أحمد بلقمري
تعليقات
إرسال تعليق