الانتحارُ البطيء..*
«..إنّ الطريق الذي
سلكناه لم يؤدِّ بنا إلى الجنة. يجب علينا أن نعيد النظر في استراتيجيتنا؟!!..».
الرّئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
اقرأ أيضا"ماني" أو فخامةُ الشّعب الجزائري
اقرأ أيضاالخروج من البئر.
.. ونحن نبدأ سنة جديدة تبدو صورة الجزائر في حالة مريعة من التخلّف، لا
وراء و لا أمام، شعبٌ يساقُ إلى حتفه بطريقة دراماتيكيّة، إنّه حال أمّة في خطر!!!.. ونحن نتّجه نحو موعد انتخابيّ هامّ و
العالم يموج بالتّغيّرات و التحوّلات لا يزال حكّام البلد مصرّين على التّقدم خطوة
إلى الأمام و عشر إلى الوراء، لا إصلاحات حقيقيّة في الأفق، لا تنازلات، لا خطط
تنمويّة واضحة، لا إرادة سياسيّة قويّة لبناء دولة الحقّ و القانون، لا حريّات، لا
أمل !..
منذ أكثر من عشرين سنة و
البلد يعيش في دوّامة الفوضى والفساد المالي و الإداري، ففي ظلّ بحبوحة ماليّة
غير متوقّعة يعيش الجزائريّون الوهم الكبير بدل الحلم الجميل، كثير من الإخفاقات
في الخيارات الإستراتيجية الاقتصاديّة( تحقيق المشاريع الاستثمارية وزيادة حجم
الإنفاق ليس معيارا يقاس به مدى نجاعة السياسة الاقتصاديّة و أداء الحكومة)، مزيدا
من صور فقدان الدّولة لسمعتها على المستويين الدّاخلي و الخارجي( بروز
البيروقراطيّة، الفساد المالي و الإداري، ضعف أداء الدبلوماسية...)، اقتصاد عاجز و
غير قادر على تحقيق التنمية( على الرّغم من ضخّ ملايير الدولارات في مختلف البرامج
الإنمائية: برنامج الإنعاش الاقتصادي، برنامج دعم الإنعاش الاقتصادي و حفز
النّمو...، و غيرها إلاّ أنّ مهمّة القفز بالأداء الاقتصادي ظلّت مستحيلة بل كانت
الأسوأ منذ سنوات؟!!). أمّا على الصّعيد الاجتماعي
فلا أبلغ من وصف المشهد بالإفلاس الاجتماعي، إنّ تمزّق النّسيج الاجتماعي و انهيار
القيم صار يهدّد كيان المجتمع الجزائري الأصيل، إنّ عدم إيلاء قضيّة التعليم
الأهميّة القصوى و الأولويّة في كلّ المشاريع التّنمويّة أسّس للجهل و خلق مجتمعا
لا يؤمن بالتّعليم. إنّ اتّساع رقعة الفقر
و المخاطر التي تهدّد عالم الشغل (عدم وضوح الرؤية المتعلّقة بالبرامج الموجّهة
للتّشغيل-حتّى نهاية سنة 2014- على الرّغم من استيعاب هذه الأخيرة لشريحة كبيرة من
البطّالين يرهن نجاحها على المستويين المتوسّط و الطّويل)، و تفاقم مشكلة الصحّة و
أزمة السّكن كلّها عوامل تتطلب بدورها حلولا و إصلاحات حقيقيّة و جذريّة..
إنّ توطيد
الحكم الدّيمقراطي و تعزيز المشاركة و دعم الشّركاء الوطنيّين لتنفيذ ممارسات
الحكم الدّيمقراطي المستندة إلى حقوق الإنسان و المساواة بين الجنسين و مناهضة
الفساد لا يزال حلما بعيد المنال في ظلّ عدالة عرجاء و اغتصاب سياسي و ديمقراطيّة
خادعة خلقت نوعا من النّزوع إلى التّدمير الذّاتي و فقدان الأمل و انتظار احتضار
النّظام !!!.
إنّ
المواعيد المؤجّلة و جسامة الخسارة خلقا حالة من اليأس و العجز و الخشية
اللاإراديّة، هذا كلّه أدّى إلى انتحار بطيء لمجتمع تحت نير الاستبداد، إنّها قمّة
الإفلاس على دروب التّاريخ التّي لا ترحم المتخاذلين...
*نشر بصحيفة القدس العربي. العدد: 7030. 23 جانفي
2012
تعليقات
إرسال تعليق