/ الإستراتيجية في فنّ السّياسة *

القائمة الرئيسية

الصفحات

الإستراتيجية في فنّ السّياسة *



الاستراتيجية في فنّ السّياسة *


ما معنى أن تكون سياسيا دون أن تكون استراتيجيا بارعا، و مفكّرا عبقريّا؟؛ ما معنى أن تمارس السّياسة دون أن تمتع بقدر من الذكاء يسمح لك بوضع خطّة شاملة و تكتيكات ناجحة؟؛ ما معنى حديثك بالسياسة دون تطبيق عمليّ و تجريب فعليّ على مشهد من النّاس؟؛ ما الذي يجعلك قادرا على القول دون الفعل و الفعل دون القول حسب المقال و المقام إذا لم تكتسب ذلك بالمران و الدراسة؟؛ ما معنى أن تحترف فنّا دون الإلمام بقواعده و أسسه؟؛ ما معنى أن تحترف تنظيم و تنسيق القوى لوضع الخطط حيّز التنفيذ و التطبيق على أرض الواقع؟. 

معنى كلّ هذا أنّ السّياسة تتطلّب الاستراتيجيّة، والاستراتيجيّة تعني رسم خطط تكتيكية لإنجاح مشروع ما. السياسة كالحرب، والسّاسة كالقادة في المعارك لذلك وجب أن يعدّ هؤلاء لتلك العدّة، حيث عليهم التزوّد بالمعارف و الفهم الشّامل لتحقيق النّصر أو تجنّب الهزيمة و تفادي الخسارة مهما كان نوعها. إذن السياسة كما المعركة يحتاج فيها ممارسها إلى عناصر مجتمعة جعلها الخبير العسكري الاستراتيجي سان تسو في كتابه الشّهير "فن الحرب" في خمسة أشياء: القانون الأخلاقي، السّماء(المناخ)، الأرض(التضاريس)، القائد، و النظام العام، نضيف لهذه العناصر عنصرا مهما يجاور عنصر السّماء، إنّه عنصر الزّمن، فاللحظة لها دورها في الإستراتيجية السياسية، ففعلا الانتظار و الإقبال مرتبطان بأهمية قاعدة المعلومات و البيانات التي بحوزتنا، و استخدام هذه المعلومات في وقتها كفيل بإنجاح أو إفشال أي تكتيك أو خطة.أما القانون الأخلاقي فهو الالتزام الأخلاقي بين أفراد الجماعة السياسية الواحدة، هو الخيط الجامع و الفاصل بين أمر و آخر، و حدّ و ضبط. السّماء أو المناخ السياسي يعني الجو العام، و المحيط، و البيئة، و حتّى ما نستطيع أن نطلق عليه "المعاش السياسي Le vécu politique"، فإذا كانت السّماء ملبّدة بالغيوم فما على السياسي سوى اصطحاب مطّاريته معه إذا خرج في مأمورية سياسية !. أما عن الأرض فهي كما قال سان تسو تحتمل النجاة أو الموت، الأرض التضاريس ترمز لمدى الأمان، فيها المخاطر و التهديدات و الكمائن، فيها الأراضي المفتوحة التي تسمح بالمرور، و الممرات الضيقة التي تصلح لنصب الكمائن؛ الأرض تعني المسافة أيضا بين القائد و تابعيه، و المسافة بين جهة و أخرى، و تيار و ضدّه، و سياسي و خصمه. و عن القائد لابدّ أن نشير لحكمته، و علمه، و أهليته و مهارته و دهائه و مكره و فعاليته و قدرته على التنظيم و حسن التدبير و التقدير، و الحسم و الحزم، و الشجاعة و الجرأة في اتخاذ القرار؛ أما النظام العام فالمقصود به طريقة التنظيم و التقسيم و التوزيع و التحكم، فإذا ما أدرك السياسي معنى هذه العناصر و تدرّب عليها فوعاها ذهنه، و استيقنتها نفسه، فعمل بها فلن يجانب أو يخطئ طريق التوفيق و النجاح لّأنّه بكلّ بساطة استراتجيّ عبقريّ مختصّ محترفٌ فنّ السياسة
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع