بين مؤيّد و رافض، فرنسا تحتفل بأوّل زواج
للمثليّين في مونبولييه!
قلم: أحمد بلقمري
"
اتّصل بي طفل عمره عشر سنوات، و قال لي: شكرًا لكونك قد ساعدت أمّي و مثيلي الجنس
الآخرين." عمدة
مونبولييه، بتاريخ:
29 أفريل 2013
![]() |
من يبحثُ عن ماذا؟ |
الرّئيس هولاند يفي بوعده !!!
بإقرارها لقانون الزّواج للجميع انضمت فرنسا إلى ركب
الدّول الخمس عشرة التي تعترف بزواج المثليين(Les
homosexuels)، كما
استطاع الرّئيس فرانسوا هولاند أن يفي بوعد من وعوده الستّين أثناء حملته
الانتخابية لرئاسيات فرنسا، لكن هل تراه وفّى بأهمّ وعوده المتعلّقة بالحفاظ على
قيم المجتمع الفرنسي الأصيلة؟!!. قد
يكون هذا الشّيء عظيما بالنّسبة لطائفة من الفرنسيّين اليوم، لكن هل الحال ذاته
بالنّسبة لعموم الفرنسيين؟ !!.
ماذا يعني أن تكون مثليّا؟
في أدبيّات التّحليل النّفسي من الممكن جدّا تحديد ماهية
المثليّة (L’homosexualité)، و يعني ذلك: " تحقّق الإشباع من خلال موضوع
من الجنس نفسه." [i]
و هذا ما يسمّى غلمة-مثليّة أي اتّجاه موضوع من نفس الجنس (L’homo-érotisme)، و هو عكس الغلمة-الغيرية (L’hétéro-érotisme)، أو ما يعرف ب:" تحقّق الإشباع من خلال موضوع من
الجنس الآخر: جنسيّة غيريّة".[ii]
إنّ الحديث عن الرّجل الذّي لا يحبّ إلاّ الرّجال و المرأة التّي لا تحبّ إلاّ
النّساء( الشّكل غير السّوي من الحُبّ الجنسي) يقود إلى فهم جيّد وعميق للقلق
المصاحب لمثل هذه الحالات، القلق القادم من الأعماق و المنتعش بالأحاسيس الجنسيّة
الناتجة عن الاقتراب من الأجساد. شيئا فشيئا تتقدّم الأمور و تصبح أمرا واقعا، هو
كذلك زواج المثليّين في فرنسا حيث أصبح حقّا تُقابله واجبات الزّوجيّة، فهل يمكن
أن ينتظم حال المجتمع الفرنسي بعدما أُقِرَّ تنظيم الحياة الجنسيّة للأفراد؟!!.
الشّخصية الفرنسيّة و الهوية الوطنية..
أيّ مستقبل!
لعلّ تحقيق مطالب أيّ جماعة في مجتمع ما يعتبر قضية
داخليّة تواجه ذلك المجتمع، لكنّ العولمة اليوم بفرضها أساليب حياة متنوّعة على
المجتمعات، ناهيك عن التنوّع الثقافي داخل المجتمع الواحد سيدفع نحو تهديد الهوية
الوطنية و الشّخصيّة الجمعيّة؛ إنّ الحديث
عن تمتّع أيّ مجتمع بإنسانيّة أكبر و قبول الفوارق سيصبح اليوم أكثر إثارة للرّيبة
و الخوف لأنّه في ظلّ العولمة المتوحّشة الزّاحفة على الهويّة، عولمة تدعو إلى
زواج المثليّين، و انتشار ظاهرة التّعرّي
و غيرها من السّلوكيّات المنحرفة المستهدفة إلى الأسرة في قدسيّة رسالتها،
و العلاقة السويّة بين الرّجل و المرأة في كلّ الفضاءات. إنّ فرنسا الدّولة و
غيرها من الدّول التّي أقرّت قانون الزّواج للجميع تكون قد فتحت على نفسها باب
معضلة تهدّد كيانها في المستقبل القريب بدعوى المساواة و العيش في كرامة و احترام !. إنّ الحديث عن نضال من أجل المساواة يندرج في إطار
القضاء على كلّ أنواع التمييز في العرق أو الدّين أو الجنس، لن يدعّم أو يقوّي
المجتمع بقدر ما سيؤدي إلى تشظّي الهوية الوطنيّة.
قانون منظّم للحياة أم نقلة باتّجاه
الجنسانيّة الشّاذة !
أيّ مستقبل للأسرة الطّبيعيّة في فرنسا و غيرها من
الدّول التّي اهتديت بهدي بعض، أيّ خيار و قرار اتّخذته نُخبُها بدعوى تطوير
المجتمع و تصحيح الاختلال؟ّ. أيدّل المُجتمع الأقلّ تجانسًا و الأكثرُ ديمقراطيّة
على التنوّع الثّقافي و النّفسي و السّياسي فعلا أم أنّ الأمر ليس سوى مُيوعة و
ضياعًا، و ضربًا في الصّميم لمكوّنات الهويّة و الشّخصية الوطنيّتين؟. أيّ معتقدات
و قيم سيعيش وفقها الفرنسيّون في قادم الأيّام بعدما شهدوا على ميلاد و إنتاج قيم
جديدة(زواج المثليّين...)؟، و أيّ بوصلة أخلاقيّة و سلوكيّة سيسترشدون بها في
حياتهم بعد بوصلة الذّرائعيّة؟!!.
تعليقات
إرسال تعليق