/ إخضاع الجيش والمؤسّسة الأمنية في الجزائر للسُّلطة المدنية

القائمة الرئيسية

الصفحات

إخضاع الجيش والمؤسّسة الأمنية في الجزائر للسُّلطة المدنية

إخضاع الجيش والمؤسّسة الأمنية في الجزائر للسُّلطة المدنية
قلم: أحمد بلقمري

في مقال لافت نشر بجريدة الخبر الجزائريّة بتاريخ 4 جوان 2013، تناول الكاتب الصُّحفي عثمان لحياني موضوعا غاية في الأهميّة، يتعلّق بمطالب أربع شخصيّات وطنيّة (أحمد بن بيتور رئيس الحكومة الأسبق، والسّعيد بوشعير رئيس المجلس الدّستوري سابقا، وعبد السّلام راشدي القيادي السّابق في جبهة القوى الاشتراكية، وعبد الله سعد جاب الله رئيس حزب جبهة الحريّة و العدالة).
يتعلّق الموضوع بضرورة إخضاع الجيش والمؤسّسة الأمنية بالجزائر للسّلطة المدنية، وقد أثار هذا الموضوع نقاشا سياسيّا، ليس فقط لأهميّته وإنّما لتوقيت ظهوره أيضا، خاصة وأنّه يتحدّث صراحة عن أمر غاية في الأهميّة هو مخاطر الفساد في قطاع الدّفاع والأمن.

ضرورة وجود نقاش عام لإحداث تغيير إيجابي
في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الجزائر وبعد خمسين سنة من استرجاع السّيادة الوطنية- يظهر للعلن نقاش عن مخاطر الفساد في مؤسسات الدّفاع والأمن الوطني، وهو نقاش في الصّميم جاء ليزيد الضّغط على لجنة صياغة الدّستور من أجل الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إحداث التّغيير على النّصوص الدّستورية السّابقة بغية تفادي مخاطر الفساد في هذه المؤسسات. يتزامن هذا الجدل وغياب الرّئيس بوتفليقة عن الجزائر بسبب رحلة علاجيّة طويلة بمستشفيات فرنسا، وفي ظلّ احتدام الصّراع السيّاسي قبيل الانتخابات الرّئاسيّة المقرّرة بداية العام 2014.
الفساد يطيلُ حالة الصّراع ويحول دون تحقيق السّلام والأمن المستدامين
لا تخضع ميزانية مؤسسة الجيش أو مؤسسة الأمن الوطني للمساءلة أمام البرلمان، وحتّى الحكومة نفسها لا تخضع للمساءلة ولا تقدّم حصيلتها للبرلمان، وهذا يعزّز مخاوف المواطنين، ويؤدّي إلى عدم توفّر الثّقة بين المواطن وحكّامه ومؤسّسات دولته.

ينبغي النّظر إلى قضيّة الفساد على أساس أنّها تهمّ المواطنين وتهدّد أمنهم، كيف لا ومخاطر الفساد السّياسي، فساد التّمويل، فساد الموظّفين، فساد العمليّات، فساد التّوريد تتهدّد قطاع الدّفاع والأمن بالجزائر.
هذه الحالة المُتّجهة نحو مزيد من التعفّن صارت مقلقة بالفعل، خاصة وأنّ الجزائر حسب آخر تقرير لمنظّمة الشّفافية الدّولية (تقرير مؤشّر الحكومات لمكافحة الفساد في قطاع الدّفاع 2013) صُنّفت في المنطقة الحرجة لمؤشر مكافحة الفساد في قطاع الدّفاع الحكومي إلى جانب كلّ من مصر، ليبيا، سوريا واليمن من الدّول العربية، وأنغولا، الكاميرون، جمهورية الكونغو الدّيمقراطية وإريتيريا من الدّول الإفريقيّة. هذا الوضع الدّستوري الهشّ يستدعي المُطالبة بقدر أكبر من إخضاع المؤسّسة الأمنية ومؤسّسة الدّفاع للمساءلة، ومواصلة الضّغط لدسترة هذه المطالب.
تشجيع الإصلاح في قطاع الدّفاع والأمن ضرورة ملحّة
إنّ الفساد في قطاع الدّفاع والأمن لا يدعم الوحدة الوطنيّة، ويقود إلى مزيد من الانشقاق والتفكّك، فبهدر الموارد تضعف قدرة الدّولة على تحقيق التنمية المستديمة، وتزيد فجوة عدم الثقة بين المواطن والمؤسّسات التّي يأتمنها على حفظ أمنه الدّاخلي والخارجي، بل تدفع هذه الحالة إلى تأجيج الوضع والدّعوة إلى العنف لاسترداد الحقوق، وإخضاع هذه المؤسّسات بالقوّة إلى المساءلة الشّعبية، ممّا يؤدّي إلى حلول الفوضى وضياع هيبة الدّولة
إنّ المضي قدما نحو مسعى إضفاء مزيد من الشّفافيّة والمساءلة، ودعم مختلف أشكال الرّقابة خاصّة أمام المؤسسة التشريعيّة يحدّ بشكل كبير من مخاطر الفساد المالي، يبدّد المخاوف ويعزّز الثّقة، ويؤدّي إلى تحقيق النّمو الاقتصادي المأمول في الدّولة الحديثة.
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع