/ محاولة الإجابة على بعض أسئلة الحراك الشّعبي1

القائمة الرئيسية

الصفحات

محاولة الإجابة على بعض أسئلة الحراك الشّعبي1

قلم: أحمد بلقمري                                                          السبت 11 ماي 2019

1.   بلغنا الجمعة الثانية عشر منذ انطلاق الحراك الشّعبي، لكنّ رجال بوتفليقة لا يزالون في الحكم، ما الذي يعنيه ذلك؟.
-      هؤلاء يراهنون على قيادة المؤسّسة العسكرية في تحديد وضبط المسار السياسي، وهذا الأمر أشبه بالتقليد الذي تمّ توارثه منذ استرجاع السيادة الوطنية حيث برز للعلن الصراع بين الحكومة المؤقتة وهيئة الأركان، وهو ما جعل هؤلاء السياسيين يفتقدون لثقافة الدّولة، فهم عبارة عن طبقة زبائنية معزولة عن باقي المجتمع، يتقاسمون مصادر الثروة ومراكز النفوذ، وإذا ما كانت هناك أزمة سياسية يسارعون للاحتماء بقوّة الجيش غير مكترثين بالمصالح العليا للبلد، يسارعون لحرمان الشعب الجزائري من بناء دولته المستقلة، ويلتبس، بل يتشابك لديهم مفهوم الدّولة والسّلطة، ويعتبرون كلّ من منتقد أو معارض لهم داعيا إلى المساس بأمن الدّولة، وهو ما يتطلّب منهم ردعه، ومعاقبته. هم لن يرحلوا، إلاّ بعدما يأذن لهم الجيش بذلك !.
2.   لماذا لم ينتظم الحراك الشّعبي في أطر سياسية واضحة حتّى يمكنه ذلك من تحقيق مطالب الشّعب؟.
-      نحن لسنا أمام أيديولوجية سياسية تمثّل ميلا نحو نموذج بعينه، بل أمام إيديولوجيات متعدّدة، جمعت بينها المسؤولية السياسية، وهي الآن أمام واجب تجاوز الأمر الواقع الذي فرضته السلطة الحاكمة نحو توقّع القادم، وضرورة تنظيم الحراك، وهذا يتطلّب الحفاظ على النّموذج العلائقي السّائد بين الحراكيين (الحفاظ على علاقات التشارك الاجتماعي والسياسي)، ممّا يجعل العلاقات الاجتماعية المتماسكة ممكنة. حاليا يتفق الحراكيون على ضرورة تمديد المرحلة الانتقالية، وإسناد رئاستها إلى شخصية وطنية توافقية، تقوم هذه الشخصية بتعيين حكومة كفايات، وتنصيب هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات وتنظيمها في مختلف أطوارها.
3.   ما الذي يحدث بالضّبط، ولماذا وصلنا لهذه الدّرجة من الإفلاس؟.
-      الجزائريون ساخطون على صنّاع القرار، لأنّهم فوّتوا عليهم كثيرا من الفرص للحاق بركب الدّول المتقدّمة. صانعوا القرار يحاولون الهروب إلى الأمام مجدّدا، والتكيف مع المأزق الاجتماعي والسياسي الذي وضعوا أنفسهم فيه، حيث صاروا ضحايا للسخط، لأنّهم تجاوزوا كلّ الحدود المعيارية.
إنّ إفلاس نظام الحكم كان متوقّعا، وآخر مؤشر لهذا الإفلاس هو تبني نهج المصالحة الوطنية المغشوش، حيث تمّ الاستفتاء على الميثاق من أجل السلم والمصالحة يوم 29 سبتمبر سنة 2005، ثمّ صدر الأمر الرئاسي رقم 06-01 المؤرّخ في 28 محرّم عام 1427 الموافق 27 فبراير سنة 2006، يتضمّـن تنفـيذ ميثـاق السلم و المصالحة الوطنيّـة، لكن لم يتغيّر شيء سوى استفادة بعض المغرّر بهم من إجراءات العفو، لأنّ المفهوم المراوغ للمصالحة والحقيقة، حيث تمّ القفز على المتطلّبات التكوينية للحياة السياسية والاجتماعية، فأيّ مصالحة حقيقية لا تقود للقبول بالمشاركة في علاقة، أو جماعة أو مؤسسة، أو سلطة، أو لا يلتزم أحد أفرادها بالقواعد المكوّنة للأشكال الأساسية في التعامل، تكون نتيجتها هذه الوضعية، حيث يبدو أصحاب السلطة مفتقرين للحساسيات الأخلاقية والاجتماعية الأساسية، والمسؤولية السّياسية الحقّة، هؤلاء لا يعرفون ولا يهتمون لصوت الشّعب، لذلك تراهم مصرّين على انتهاك القواعد، وهو ما يزيد في حجم فاتورة حساب الدّفع أمام صاحب السّلطة الحقيقي (الشّعب الجزائري).  
4.   ما هو الحلّ الممكن؟.
-      المصالحة الوطنية هي الحل.
لقد آن الأوان للسّعي الجادّ لإيقاف هذا الصّراع والظلم، فلا يمكن بأيّ شكل من الأشكال تجاوز الماضي، والهروب مجدّدا إلى الأمام، علينا أن نكون أكثر إصرارا على التقدّم نحو المستقبل بخطى واثقة يكون هدفها كشف الحقيقة، والمصارحة، فلا مصالحة دون مصارحة، ولا مصالحة دون إنصاف ومساواة.
أمامنا منفذ واحد نحو الخلاص، من أجل ذلك وجب أن لا نغلق الباب على الماضي بحجة التوازنات الظرفية. على من أخطأ، أن يعترف بخطئه وينسحب في هدوء أمام حركة التاريخ ونسائم الحرية التي تواكبه، ودون ذلك لن بلغ أبدا الحلول النهائية، بل سنضيع فرصتنا الأخيرة في الوجود.
.. يتبع
هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع