/ ضرورة دعم المعلّمين لإنهاء أزمة التّعلّم في الجزائر

القائمة الرئيسية

الصفحات

ضرورة دعم المعلّمين لإنهاء أزمة التّعلّم في الجزائر



بين إضراب المعلّمين و تعنّت الوصاية
ضرورة دعم المعلّمين لإنهاء أزمة التّعلّم في الجزائر[1]
قلم: أحمد بلقمري
محنة التعليم في الجزائر.. متى تنتهي؟
«لحلّ أزمة التّعلم، يجب أن يحظى جميع الأطفال بمعلّمين مدرّبين ومتحمّسين للعمل، ولديهم متعة التّدريس والقدرة على تحديد ودعم المتعلّمين الضّعفاء، كما يجب أن تكون هناك نظم تعليمية ذات إدارة جيّدة تدعم هؤلاء المعلّمين»[2]. هكذا تتحدّث اليونسكو عن أهميّة دعم المعلّمين بهدف إنهاء أزمة التعلّم(جاء هذا في ملخّص التقرير العالمي لرصد التّعليم العالمي للجميع 4/2013)، بينما تتوعّد وزارة التربية في الجزائر معلّميها بالفصل النهائي من العمل في حالة إصرارهم على ممارسة حقّهم الشّرعي في الإضراب. ففي الوقت الذّي يطالب فيه المعلّمون بضرورة دعمهم وتحسين ظروف عملهم، يواجهون بسياسة قمعيّة تستهدف أبسط حقوقهم الماديّة والمعنوية !!!.
إنّ المعلّمين في الجزائر يدركون أكثر من أيّ طرف في العملية التربوية أنّ أبنائنا لا يتعلّمون بشكل جيّد على الأقل تعلّم المهارات الأساسية المتعلّقة بالقراءة والكتابة والحساب، ناهيك عن تعلّم حلّ المشكلات !. و هو ما يحرم فئات عريضة من أطفالنا من أهمّ الحقوق التّي تجعلهم يندمجون بشكل لائق في المجتمع الذّي ينتمون إليه، كما يجعلهم يفوّتون على أنفسهم فرص الاستفادة من سبل عيش أفضل !.
إنّ السّياسة التعليمية في الجزائر لا تزال في حاجة ماسة إلى رؤية واضحة، وهذا لا يتأتّى دون الإجابة عن السّؤال التالي: هل يسير التعليم في الجزائر على الطريق الصّحيح؟. دون شكّ، لقد ضيّعنا فرصا كبيرة للحاق بركب الدّول المتقدّمة في التعليم بسبب سياسات عرجاء، لم تكن قادرة يوما على الاستثمار الأمثل في خزّان مواردنا البشريّة، من خلال تركيز الجهد والوقت للاستثمار في تعليم الإنسان بصفته كنزا مكنونا.
إنّ المعلّم الذّي لا يزال يحلم بسقف يأويه وعائلته، وراتب محفّز يغنيه عن سؤال النّاس، ومحفظة يجمع فيها أدواته، ومكتبة يحضّر فيها دروسه، وشبكة أنترنيت ينفتح بها على العالم الخارجي، وينهل منها ما استطاع من المعارف المستجدّة، لن يسهم أبدا في حلّ أزمة التعلّم، بل سيكون حجر عثرة في طريق أيّ حلّ لهذه المعضلة.
إنّ التعليم قضيّة الجميع، لا سيما الحكومات وبخاصّة إذا كانت هذه الأخيرة ذات موارد مالية معتبرة. فالحكومة الجزائريّة مثلا أنفقت سنة 2014 أكثر من 955 مليار دينار جزائري على وزارة الدفاع الوطني، وأكثر من 540 مليار دينار جزائري على وزارة الداخلية والجماعات المحليّة، بالإضافة إلى أكثر من 240 مليار دينار جزائري على وزارة المجاهدين، بينما أنفقت أكثر من 690 مليار دينار جزائري على وزارة التربية الوطنية، في حين رصد لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أكثر من 270 مليار دينار جزائري، أمّا وزارة التكوين والتعليم المهنيين فكان نصيبها أقلّ من 50 مليار دينار جزائري[3]. إنّ حجم هذا الإنفاق يبدو غير متوازن تماما، إذا أخذنا في عين الاعتبار أهميّة التعليم في الحفاظ على الأمن القومي لأيّ بلد. والسّؤال الذّي يبقى مطروحا في هذا الاتّجاه هو التّالي: ما أهميّة الحوكمة في تحقيق المساواة بين القطاعات الوزارية( بالنّظر إلى أولويّتها وأهميّتها) قبل الحديث عن المساواة في التعليم(التعليم المتاح للجميع، وقضايا الجنسين)، وغيرها من الشّعارات كضمان جودة التعليم؟.
إنّ التحدّي الأكبر اليوم بالنّسبة للجزائر، هو ضرورة وضع نظام تعليمي جيّد وضمان استدامته بهدف ضمان الرعاية والتّربية للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، تعميم التعليم الابتدائي، إحراز تقدّم في اكتساب المهارات بالنسبة للشّباب والكبار على حدّ سواء، محو الأميّة لدى الكبار، تحقيق التكافؤ والمساواة بين الجنسين، والحرص على نوعيّة التّعليم. وهذا لن يكون دون تمويل التعليم على الأقلّ في حدود 20 في المائة من الميزانية المرصودة لتسيير شؤون الدّولة.
دون هذه الأهداف مجتمعة لا يمكننا الحديث عن حلول ممكنة على المدى القريب لأزمة التعلّم في الجزائر، ولا الحديث عن معلّمين مدرّبين ومتحمّسين للعمل، ولديهم متعة التّدريس والقدرة على تحديد ودعم المتعلّمين الضّعفاء؛ كما لا يمكننا الحديث عن نظم تعليمية ذات إدارة جيّدة تدعم هؤلاء المعلّمين.


[1]  التّعليم و التّعلّم: تحقيق الجودة للجميع. ملخّص التقرير العالمي لرصد التّعليم العالمي للجميع4 /2013 . ص 30. الطّبعة الأولى 2014. منشورات اليونسكو(منظمة الأمم المتّحدة للتربية و العلم و الثقافة).
[2]  نفس المرجع. ص 30
[3]  قانون المالية لسنة 2014. العدد 68، 28 صفر 1435 الموافق ل: 31 ديسمبر 2013.

هل أعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع